للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المنام فيما حدثنا أبو القسم فقال: "أتاني ربي الليلة في أحسن صورة يعني في النوم".

فإن قيل: فهذه الأخبار ضعاف، لأن مدارها على عكرمة، وقد قال ابن عمر لنافع: لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس (١).

قيل: هذا غلط، لأن عكرمة ثقة ثقة، وهو مولى لابن عباس، وقد أخرج عنه البخاري ومسلم ومالك وأحمد وغيرهم من أئمة أصحاب الحديث.

فإن قيل: فهذه الأخبار منام، والشيء قد يُرى في المنام على خلاف ما هو به، قيل هذا غلط لوجوه: أحدها أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قصد بذلك بيان كرامته من ربه وقرب منزلته منه، فإذا حمل على خلاف ما أخبر زال المقصود، ولأن ما يخبر به شرع فهو معصوم فيه وصفات الله -عَزَّ وَجَلَّ- شرع اعتقادها، وإذا كان معصومًا استوى فيه المنام واليقظة، لأن رؤية الأنبياء تجري مجرى الوحي، من ذلك رؤيا إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ- ذبح ولده، ومن ذلك رؤيا يوسف -عَلَيْهِ السَّلَامُ- في المنام الكواكب أنها ساجدة له، ولأن أعينهم تنام وقلوبهم لا تنام.

فإن قيل: يحتمل أن يكون قوله "رأيت ربي جعدًا قططًا شابًّا موفرًا" معناه: وأنا جعد قطط أمرد، فتكون الصفة راجعة إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما يقال: رأيت الأمير راكبًا يحتمل أن يكون الأمير هو الراكب، ويحتمل أن يكون الرائي راكبًا.


(١) التهذيب (٧/ ٢٦٧).
وردَّه الحافظ في التقريب بقوله: ثقة ثبت عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر ولا تثبت عنه بدعة. أما الحافظ الذهبي فقال: ثبت، لكنه أباضي يرى السيف، وروى له مسلم مقرونًا وتحايده مالك. (الكاشف ٢/ ٢٤١).

<<  <   >  >>