قيل: هذا غلط لوجوه: أحدها: أنه لم يكن هذه صفات النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولو تغيرت صفته في تلك الحال لأخبر بذلك، كما أخبر بوضع اليد بين كتفيه، وكما أخبر بقوله "فيم يختصم الملأ الأعلى" ولأن ألفاظ الخبر تدفع هذا، لأن في حديث ابن عباس عليه "تاج يلمع منه البصر" لو كانت الصفة راجعة إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقال عليَّ تاج، وفي حديث أم الطفيل "رجلاه في خضر عليه نعلان من ذهب على وجهه فراش من ذهب" ولو كانت الصفة عائدة على النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقال: على وجهي وعليَّ فراش وعلىَّ نعلان. وعلى أن قائلًا لو قال: رأيت الأمير جعدًا قططًا، لم تنصرف هذه الصفة إلا إلى الأمير دون الرائي، كذلك ها هنا.
فإن قيل: يحتمل أن تكون هذه المناظرة التي وصفها في الخبر ترجع إلى ما رأى في الجنة من هذه الخلق وما زُينت به، وأنه كان رائيًا لربه في جميع ذلك لم يقطعه نظره إليها عنه ولم يشغله عنه.
قيل: هذا غلط لأنه لو قال: رأيت الخليفة في صورة شاب على وجهه فراش وفي رجليه، لم يعقل من ذلك داره، وإنما يرجع ذلك إلى ذاته.
فإن قيل: هذه الصفات لا تليق بصفات الله سبحانه لأنها من صفات المخلوقين المحدثين. قيل: هذا غلط، لأن مثل هذا موجود في إثبات الوجه واليدين والعين فإنها من صفات المخلوقين المحدثين، وقد جاز وصفه بها.
فإن قيل: إنما أثبتنا ذلك لأنها وردت من طريق مقطوع عليه وهو القرآن، وهذه أخبار آحاد، وخبر الواحد إنما يقبل فيما طريقة العمل، فأما فيما طريقة الاعتقاد والقطع فلا، لأنه لا يمكن القطع بمثلها.
قيل: هذا غلط، لأنها وإن كانت أخبار آحاد فقد تلقتها الأمة بالقبول،