للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصفات على خلاف ذلك.

الثالث: أنهم سألوه هل نرى ربنا؟ قال "ثم يجمع الله الناس ثم يأتيهم فيقولون أنت ربنا" فاقتضى ذلك إتيانًا يرونه فيه، لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أثبت لهم رؤية ووصف (١) لهم كيفية الرؤية.

فإن قيل: يحتمل أن يكون قوله "يأتيهم الله" معناه يأتيهم خلق من خلقه من الملائكة يتصوَّر لهم، ويخاطبهم بأمر الله، وأضاف ذلك إليه، كما يقال ضرب الأمير اللص، معناه أمر بضربه، يدل على ذلك قوله "نعوذ بالله منك" ولو كان هو الإله لقالوا: نعوذ بك.

قيل: هذا غلط لقوله "فيأتيهم الله ولأن القوم سألوه هل نرى ربنا قال "نعم يجمع الله الناس ثم يأتيهم فيقولون أنت ربنا" فاقتضى ذلك إتيانًا يرونه منه.

وأما قولهم "نعوذ بالله منك" (٢) فلا يمتنع مثل هذا، كما روي أنه كان في دعاء النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "أعوذ بك منك" ولا يمتنع أن يذكر الاسم الظاهر في موضع الكناية كما قال تعالى {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ} [مريم: ٨٥] وتقديره نحشر المتقين إلينا.

فإن قيل: فقد حُكي عن أبي عاصم النبيل أنه كان يقول: ذلك تغير يقع في عيون الرائين، كنحو ما يتخيل إلى الإنسان الشيء بخلاف ما هو به، فيتوهم الشيء على الحقيقة.


(١) في الأصل: وصف، والسياق يقتضي زيادة الواو.
(٢) أخرجه مسلم (١/ ٣٥٢) عن الأعرج عن أبي هريرة عن عائشة قالت: فَقدتُ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليلةً من الفراش، فالتمسته فوقعت يدي على بَطنِ قَدَميه -وهو في المسجد- وهما منصوبتان، وهو يقول: "اللهم إني أعوذ بك برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك".

<<  <   >  >>