للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

اعلم أن الكلام في هذا الخبر في فصلين:

أحدهما: إطلاق صفة الغيرة عليه.

والثاني: في إطلاق الشخص.

أما الغيرة فغير ممتنع إطلاقها عليه سبحانه، لأنه ليس في ذلك ما يحيل صفاته ولا يخرجها عما تستحقه، لأن الغيرة هي الكراهية للشيء، وذلك جائز في صفاته قال تعالى {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ} [التوبة: ٤٦].

فإن قيل: لا يجوز إطلاق ذلك عليه، ويكون معناه: الله أزجر عن محارمه من الجميع، لأن الغيور هو الذي يزجر عما يغار عليه، ويحذر الدُّنُوّ منه، وقد نبه على ذلك عقيبة بقوله "ومن غيرته حرم الفواحش" أي زجر عنها وحظرها. ومنه أن بعض أزواج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أهدت إليه شيئًا في غير يومها، فأُخبرت عائشة بذلك فبددته فقال: "غَارَت أُمكم" (١) أي زجرت عن إهداء ما أهدت.


(١) يشير إلى ما أخرجه أحمد (٣/ ١٠٥، ٢٦٣) والبخاري (٥/ ١٢٤) (٩/ ٣٢٠) وأبو داود (٣/ ٣٥٦٧) والترمذي (٣/ ٦٣١) وابن ماجة (٢/ ٧٨٢) والدارمي (٢/ ٢٦٤) من طرق عن حميد عن أنس: كان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحْفَةٍ فيها طعامٌ، فضربت التي النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِلَقَ الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول: غارت أمُّكم، ثم حبس الخادم حتى أتى بصحفةٍ من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كُسِرت فيها".
ووقع عند أحمد من قول أنس: أظنها عائشة.
ووقع مصرحًا بها فيما ذكره معلقًا ابن حزم في المحلي (٨/ ١٤١) قال): روينا من طريق الليث بن سعد عن جرير بن حازم عن حميد سمعت أنس بن مالك؛ أن زينب بنت جحش أهدت إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو في بيت عائشة ويومها جفنة من حيس. . ." الحديث.
وقصة أخرى أخرجها أبو داود (٣/ ٣٥٦٨) والنسائي (٧/ ٧١) عن سفيان حدثني فليت العامري عن جسرة بنت دجاجة قالت: قالت عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: ما رأيت صانعًا طعامًا مثل =

<<  <   >  >>