للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكره: اليدان بقوله "ثم ضرب بيديه فخرج كل طيب في يمينه" وجب أن يكون ذكر اليمين صفة لما تقدم ذكره من اليدين.

فأما النعم فلم يَجْر لها ذكر، ولأنَّ النعم لا توصف باليمين وضدها.

فإن قيل: يُحمل قوله "ثم ضرب بيديه ثم خلط بينهما" على معنى أنه لمَّا خلق الذرية خلقها نوعين طيبًا وخبيثًا، وميزَّهما وجعل محل الطيب جانب اليمين عند يُمن السعادة والتوفيق، وجعل محل الخبيثُ جانب اليسار من آدم، أو من المَلَك الذي أمَره بخلط الطينة، ثم خلطهما بأن جعل الطيب في محل الخبيث، والخبيث في المحل الطيب.

قيل: هذا غلطٌ، لأنَّه قد ثبت أنَّه خلقه بيديه، فوجب أن يكون الخلط والضرب عائدًا إليهما، لأنَّ بهما حصل الخلق، ولأنَّ بهما حصل الخلق، ولأنَّه لا يجوز حمله على الطائفتين، لأن الطائفتين لا يقع عليهما اسم يدين ولا يمين. واعلم أنَّ الخبر أفاد أنَّ آدم عليه السلام كان أصله طينًا على هذا الوجه هذه المدة، ويشبه أن يكون ما روي في الخبر "أن النُّطفة تكون علقةً أربعين يومًا، ثم تكون مُضْغَةً مثلها، إلى أن يُنفخ فيها الروح" (١)، فكانت مُدَّة تغير آدم من هيئةٍ إلى هيئةٍ كنحو مدة تغير النُّطفة، وإنْ كان أمر النُّطفة مُفارق لطينة آدم من وُجُوه أُخر اهـ.

* * *


(١) أخرجه البخاري (٦/ ٣٠٣، ٣٦٣) (١١/ ٤٧٧) (١٣/ ٤٤٠) ومسلم (٤/ ٢٠٣٦) عن زيد بن وهب عن عبد الله قال: حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق: "إن أحدكم يُجمعُ خَلْقُهُ في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون في ذلك عَلقةً مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يُرسَل المَلك فَينفخُ فيه الروح … " الحديث.

<<  <   >  >>