قلت: ويقويه كلام الدارمي رحمه الله في نقضه على المريسي فقد قال: وأعجب من هذا قول الثلجي الجاهل فيما ادعى: تأويل حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "المقسطون يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين" فادعى الثلجي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تأول "كلتا يديه يمين" أنه خرج من تأويل الغلوليين أنها يمين الأيدي، وخرج من معنى اليدين إلى النعم. يعني بـ "الغلوليين" أهل السنة، يعني أنه لا يكون لأحد يمينان، فلا يوصف أحد بيمينين، ولكن يمين وشمال بزعمه! قال أبو سعيد: ويلك بها المعارض! إنما عني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما قد أطلق على التي في مقابلة اليمين الشمال، ولكن تأويله: وكلتا يديه يمين، أي: منزهٌ عن النقص والضعف، كما في أيدينا الشمال من النقص وعدم البطش، فقال "كلتا يدي الرحمن يمين" إجلالًا لله، وتعظيمًا أن يوصف بالشمال، وقد وصفت يداه بالشمال واليسار. وكذلك لو لم يجز إطلاق الشمال واليسار، لما أطلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولو لم يجز أن يقال: "كلتا يدي الرحمن يمين" لم يقله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وهذا قد جّوزه الناس في الخلق، فكيف لا يجوز ابن الثلجي في يدي الله أنهما جميعًا يمينان؟! وقد سُمي من الناس ذا الشمالين؟ فجاز نفي دعوى ابن الثلجي أيضًا، ويخرج ذو الشمالين من معنى أصحاب الأيدي. اهـ (النقص ص ١٥٥ - ١٥٦). وقال ابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث" (ص ١٤٢): إنما أراد بذلك معنى التمام والكمال، لأن كل شيء فمياسرة تنقص عن ميامنه في القوة والبطش والتمام، وكانت العرب تحب التيامن وتكره التياسر، لما في اليمين من التمام وفي اليسار من النقص. ويجوز أنه يريد: العطاء باليدين جميعًا، لأن اليمنى هي المعطية، فإذا كانت اليدان يمينين =