باب ذكر سنة ثامنة تُبيِّن وتوضِّح أنَّ لخالقنا جل وعلا يدين كلتاهما يمينان، لا يسار لخالقنا عز وجل، إذ اليسار من صفة المخلوقين، فجلَّ ربنا عن أن يكون له يسار. اهـ وبوَّب الآجري في الشريعة (ص ٣٢١): (باب الإيمان بأن لله عز وجل يدين، وكلتا يديه يمين) وضعف البيهقي في "الأسماء والصفات" (ص ٣٢٤) الزيادة التي وردت في مسلم في حديث ابن عمر مرفوعًا: "ثم يطوى الأرضين بشماله" فقال: وذِكْر الشمال فيه تفرد به عمر بن حمزة عن سالم، وقد روى هذا الحديث نافع وعبيد الله بن مقسم عن ابن عمر، لم يذكرا فيه الشمال، ورواه أبو هريرة -رضي الله عنه- وغيره عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلم يذكر فيه أحد منهم الشمال، ورُوي ذكر الشمال في حديث آخر في غير هذه القصة، إلا أنه ضعيف بمرة، تفرد بأحدهما جعفر بن الزبير، وبالآخرة يزيد الرقاشي، وهما متروكان. وكيف يصح ذلك؟ وصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه سمى كلتا يديه يمينًا! وكأن من قال ذلك أرسله من لفظه على ما وقع له، أو على عادة العرب في ذكر الشمال في مقابلة اليمين. اهـ. قلت: ثم ذكر حديث ابن عمر ومرفوعًا "المقسطون عند الله يوم القيامة، على منابر من نور على يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلُّوا" رواه مسلم. وعلّق القرطبي في "المفهم" على الزيادة السابقة قائلًا: كذا جاءت هذه الرواية بإطلاق لفظ الشمال على يد الله تعالى، على المقابلة المتعارفة في حقنا، وفي أكثر الروايات وقع التحرز عن إطلاقها على الله حتى قال: وكلتا يديه يمين، لئلا يتوهم نقصٌ في صفته سبحانه وتعالى، لأن الشمال في حقنا أضعف من اليمين. اهـ من (الفتح ١٣/ ٣٩٦). وقال ابن الأثير في النهاية (٥/ ٣٠١): "وكلتا يديه يمين" أي أنَّ يديه تبارك وتعالى بصفة الكمال، لا نقص في واحدة منهما، لأن الشمال تنقصُ عن اليمين. وقد علق الشيخ الهراس رحمه الله على كلام ابن خزيمة السابق قائلًا: يظهر أن المنع من =