(٢) في الأحاديث السابقة إثبات صفة "الرجل" و"القدم" لربنا تبارك وتعالى، وهو مذهب سلف الأمة وأئمتها. فقد روى الترمذي في سننه (٤/ ٦٩٢) من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد، ثم يطلع عليهم … " وفيه "ويبقى أهل النار فيُطرح منهم فيها فوج، ثم يقال: هل امتلأت؟ فتقول: هل من مزيد؟ ثم يطرح فيها فوج فيقال: هل امتلأتِ؟ فتقول: هل من مزيد؟ حتى إذا أَوْعَبُوا فيها وضع الرحمن قَدَمه فيها، وأزوى بعضها إلى بعض، ثم قال: قط، قالت: قَطْ قَطْ … " الحديث، وإسناده حسن. ثم قال الترمذي: وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- روايات كثيرة مثل هذا ما يُذكر فيه أمر "الرؤية"، أنّ الناس يرون ربهم، وذِكرُ القدم وما أشبه هذه الأشياء. والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل: سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم، أنهم رووا هذه الأشياء ثم قالوا: تُروى هذه الأحاديث ونؤمن بها، ولا يقال: كيف؟ وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تروى هذه الأشياء كما جاءت، ويُؤْمَنُ بها ولا تُفسِّر ولا تُتَوهم، ولا يقال كيف؟ وهذا أمرُ أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه. اهـ وقال ابن خزيمة في "التوحيد" (ص ٩٠): باب ذكر إثبات الرَّجْل" لله عز وجل. وإن رغمت أنوف المعطلة الجهمية الذين يكفرون بصفات خالقنا عز وجل التي أثبتها لنفسه في محكم تنزيله، وعلى لسان نبيه المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، قال الله عز وجل يذكر ما يدعو بعض الكفار من دون الله {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ (١٩٥)} [الأعراف: ١٩٥]. اهـ. وهذا هو مذهب سلف الأمة في هذه الصفة وغيرها من الصفات، أن نؤمن بها كما جاءت من غير ين نُبدِّل معانيها أو نحرّفها أو نعطلها، ولو عرف لها السلف غير معانيها الظاهرة لتكلموا بها وجرت على ألسنتهم. وقد تهجم إمام الجهمية في هذا العصر الكوثري -عليه من الله ما يستحق- على تبويب ابن خزيمة السابق فقال في تعليقه الآثم على كتاب "الأسماء والصفات" للبيهقي (ص ٣٥١): وكلمة ابن خزيمة في التوحيد (باب إثبات الرجل لله عز وجل وإن رغمت أنوف المعطلة الجهمية) مما يقضي =