للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بقوله تعالى {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا} [الأعراف: ١٩٥] وبقول أمية:

رجل وثور تحت رجل يمينه … والنسر للأخرى وليث مرصد

وإن رسول الله صدقه فقال: صدق أمية بن الصلت" (١).

وقد اعترض عليه بعضهم في هذا الدليل، وقال: لو كان التمسكُ بظاهر الآية صحيحًا، لوجب القول بإثبات الأرجل والأيدي والأعين والآذان على وجه الجمع، لأن أرجل اسم جمع، وقد أجمع المسلمون على إنكار ذلك، وكذلك الآذان، قال هذا القائل: فَعُلمَ أنَّ الله تعالى أراد به ردَّ الكافرين عن عبادة الأصنام، قال هذا القائل: فَعُلمَ أنَّ الله تعالى أراد به ردَّ الكافرين عن عبادة الأصنام، وعرَّفهم أنكم تأنفون من عبادة من له رجلٌ يمشي بها ويدٌ يبطش بها وعينٌ يُبصر بها وأذنٌ يسمعُ بها، فكيف تعبدون من ليس له شيء من ذلك، يقرّعهم على عبادة الأصنام التي هي جماد وموتان، ليس لها فعلٌ ولا قُدرةٌ ولا سمعٌ ولا بصر.

وهذا الذي ذكره هذا القائل لا يمنع الاحتجاج بالآية، لأنَّ الدليل قد دلَّ على نفي إثبات هذه الصفات التي هي الأذن وجمع الأرجل فنفيناه، وبقي ما عدا ذلك على ظاهره، وهذه طريقةٌ ظاهرةٌ على أصول الفقهاء، وإنَّ الدليل إذا تناول شيئين فقام الدليل على إسقاط أحدهما، لم يُوجب ذلك إسقاط باقيه، كذلك ها هنا.

فإن قيل: يُحمل قول أمية على أنَّه إنما أراد يمين العرش ويساره.

قيل: هذا غَلَطٌ لوجهين: أحدهما أنَّ صفة اليمين واليسار في حقيقة اللغة إنما يُضاف إلى الذات دون الجمادات.


(١) صحيح، وقد سبق الكلام عليه عند أحاديث رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- لربه عز وجل.

<<  <   >  >>