فإن قيل: حَمْلُ الخبر على ظاهره يُوجبُ رَدَّ القرآن، لأنَّ الله سبحانه يقول {لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا}[الأنبياء: ٩٩] فأخبر أنَّ الإلهية: لا تردها، وفي جواز وضع القدم فيها إيرادٌ لها، وقال تعالى {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥)} [ص: ٨٥] وظاهرُ الخبر يقتضي أنها تمتلئ بالقدم، وهذا خلاف ظاهر القرآن، فوجب تأويله.
قيل: هذا غلطٌ، لأنَّ حمله على ظاهره لا يوجب ردَّ القرآن، وذلك أنَّ قوله تعالى:{لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا}[الأنبياء: ٩٩] معناه: ما وردوها على وجه الخوف والفَزَع والعقوبة، قال تعالى {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}[مريم: ٧١] وأرادَ على وجه الخوف، ثم قال تعالى {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا}[مريم: ٧٢] وهذا المعنى معدوم في حقه سبحانه.
وأما قوله تعالى {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ}[ص: ٨٥] فنحن نقول بظاهره، وأنها تمتلئ به وبمن تبعه، لكن بعد وضع القدم وانزواء بعضها إلى بعض، ولا نقول أنها تمتلئ بالقدم.
فإن قيل: فَقَدَمُ الصِّفة لا يجوز وصفها بالوضع في المكان، وإنما قَدَمُ الجارحة، وذلك لا يليقُ بصفاته.
قيل: لا يمتنع إطلاق ذلك لا على وجه الحدِّ والجهة والحلول، كما جاز وصف الذات بالعُلوِّ على العرش لا على وجه الحد والجهة، وإنْ كنا نعلم أنَّ العُلو غير السفل، ولهذا نَصفُه بالعلو ولا نصفه بالسفل، ثم لم يُوجب ذلك وصفه بالجهة وكذلك رؤيته.
فأما قوله: قط قط، أيّ حسبي، وقد ورد هذا مفسرًا في بعض الألفاظ، وهذا كما تقول العرب: