للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَمَا تَرَى الأرضَ قد أعطت زَهرتَها … مخضرةً فاكتسى بالنَّوْرِ عَاريها (١)

وللسَّماءِ بُكاءٌ في جوانبها … وللربيع ابتسامٌ في نواحيها

يريد بالابتسام ظهور النبات وطلوع النور عليها، وكذلك قولهم: ضحِك المزنُ بها ثم بكى، يريد بالمزْن السحاب، وبضحك النَّوْر الذي يظهر ببكائه المطر (٢).

قيل: هذا غلطٌ، لأنَّه مظهر بفضله ونعمه مع عدم الأشياء المذكورة في الخبر من القتل وعدم الدعاء والصلاة، كما هو بعد ذلك فلم يصح حمله على ذلك، ولأنه إن جاز تأويله على هذا جاز تأويل قوله "إنكم ترون ربكم" على معنى ترون بعطفه بكم وثوابه ورحمته.

وقد أجمعنا ومثبتوا الصفات على فساد هذا التأويل، كذلك ها هنا، ولأنَّ الضحك إذا أُضيفَ إلى الذات، لم يُعقل منه ما قالوه من إظهار الفضل والنعمة، ولهذا إذا قيل: ضحك الأميرُ، لا يُعقل منه ما قالوه، كذلك في صفاته سبحانه، ولأنَّ في الخبر ما يسقط هذا، وهو قوله "يتجلى ضاحكًا حتى تبدو أضراسه ولهواته" وهذه الصفة تختص الذات دون ما ذكروه من النعم والفضل.

فإن قيل: لا يخلوا إما أنْ تقولوا يضحكُ في وقتٍ دون وقت، أو يستديم الضحك، فإن قلتم يضحكُ في حالٍ دون حال، جعلتم ذاته محلًا للحوادث، وإنْ قُلتم يستديم ذلك، أَضَفْتُم صِفَةً منكرة، لأنَّه


(١) في "مشكل الحديث" لابن فورك: وقد أعطتك زهرتها، بدل: أعطت وفي الأصل هنا: بالنور عاريها، وفي "المشكل" عاليها.
(٢) انظر هذه التأويلات الباطلة في "مشكل الحديث" لابن فورك (ص ٤٩ - ٥١) و"الأسماء والصفات" للبيهقي (ص ٤٧٣) فقد حكاه عن أبي الحسن بن مهدي الطبري.

<<  <   >  >>