للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عما تستحقه، لأنَّا لا نُثبت ضحكًا هو فَتْحُ الفم وتكشير شفتين وأسنان، ولا نُثبت أضراسًا ولهوات هي جارحة ولا أبعاضًا (١)، بل نُثبت ذلك صفة كما أثبتنا الوجه واليدين والسمع والبصر، وإنْ لم نعقل معناه (٢)، ولا يجب أنْ نستوحش من إطلاق هذا اللفظ إذا وَرَدَ به سَمْعٌ، كما لا نستوحش من إطلاق ذلك في غيره من الصفات.

فإن قيل: هذا محمول على إظهار فضله ونعمه بالإثابة: للرجلين المقتولين في سبيل الله، كأنَّه بيَّن ثوابهما وأظهر من كرامته لهما، وكذلك قوله "ضحكت لضحكِ ربيّ" أيَّ لإظهار فضله وكرامته، لأن الضحك في اللغة هو الإظهار، من قولهم: ضحكت الأرضُ بالنبات، إذا ظهر فيها النبات وانْفَتَق عن زهره، وكذلك قالت العرب لِطَلعِ النخل إذا تَفَتَّق عنه فيقولون: ضَحِكَت الطلعة، إذا ظهر منها ما كان مُسْتَتِرًا (٣)، وكذلك قول القائل: يضاحك الشمس منها كوكب شرق، وأنشد ابن الأعرابي (٤):


(١) تقدم بيان ضعف هذه الزيادة، فلا تثبت به صفة لله تعالى.
(٢) بل الصواب أنه يعقل معناها لكن لا يعلم كيفيتها، وهذا هو مذهب السلف، تفويض الكيفية لا تفويض المعنى.
(٣) في اللسان (٤/ ٢٥٥٨) والضحك أيضًا: طلع النخل حين ينشق، وقال ثعلب: هو ما في جوف الطلعة، وضحكت النخلة وأضحكت، أخرجت الضحك.
(٤) هو محمد بن زياد أبو عبد الله مولى بني هاشم، يعرف بابن الأعرابي، صاحب اللغة، كان أحد العالمين بها، والمشار إليهم في معرفتها، كثير الحفظ لها، روى عنه أبو إسحاق إبراهيم الحربي، وثعلب، وأبو عكرمة الضبي، وأبو شعيب الحراني، وكان ثقة، مات سنة ٢٣١ هـ. من كتبه: "النوادر"، "الأنواء".
(تاريخ بغداد (٥/ ٢٨٢ - ٢٨٥)، الفهرست (٦٩)، البلغة (ص ١٩٦).

<<  <   >  >>