للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الريح فَلَا تَسُبُوها، فإنها من نفس الرحمن، تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب، فسلُوا الله من خيرها، واستعيذوا بالله من شَرِّها" (١).

اعلم أنَّ شيخنا ابا عبد الله ذكر هذا الحديث في كتابه، وامتنع أن يكون على ظاهره في أنَّ الريح صفةٌ ترجع إلى الذات، والأمر على ما قاله، ويكون معناه أنَّ الريح مما يُفَرِّج الله عزّ وجلّ بها عن المكروب والمغموم، فيكون معنى النفس معنى "التنفيس" وذلك معروف في قولهم: نَفَّسْتُ عن فلان، أي فَرَّجْت عنه، وكلمت زيدًا في التَّنفيس عن غريمه، ويقال: نفَّس الله عن فلان كربة أي فرَّج عنه (٢)، وروي في الخبر "من نفَّس عن مكروبٍ كُربة نَفَّس الله عنه كربة يوم القيامة" (٣)، وروى في الخبر أنَّ الله فَرَّجَ عن نبيه بالريح يوم الأحزاب فقال سبحانه {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: ٩].

وإنما وجب حمل هذا الخبر على هذا، ولم يجب تأويل غيره من الأخبار، لأنَّه قد روي في الخبر ما يدل على ذلك، وذلك أنَّه قال: "فإذا رأيتموها فقولوا اللهم إنَّا نسألك من خيرها، وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، ونعوذ بك من شرِّها وشرِّ ما فيها، وشرِّ ما أرسلت به" وهذا يقتضي أنَّ فيها شرُّ وأنها مرسلة، وهذه صفات المحدثات.

٢٤٣ - ونا أبو القسم بإسناده: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ


(١) لم أقف عليه من حديث جابر، ويأتي نحوه من حديث أبي هريرة.
(٢) انظر الصحاح (٣/ ٩٨٥) واللسان (٦/ ٤٥٠٢).
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ٢٥٢) ومسلم (٤/ ٢٠٧٤) والترمذي (٥/ ١٩٥ - ١٩٦) وابن ماجه (١/ ٨٢) عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من نَفَّس عن مؤمن كُربة من كُرَب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كُرب يوم القيامة، ومن يسرَّ على مُعْسِر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، .... " الحديث.

<<  <   >  >>