عن محمد بن مروزان العقيلي عن هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من أيام أفضلُ عند الله من أيام عشر ذي الحجة"، قال فقال رجل: يا رسول الله! هي أفضل أم عدتَّهن جهادًا في سبيل الله؟ فقال: "هي أفضل من عدتهن جهادًا في سبيل الله، إلا عَفيرًا يُعفر وجهه في التراب، وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة، ينزل الله إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول: انظروا عبادي شعثًا غبرًا ضاحين، جاؤوا من كل فج عميق، لم يروا رحمتي ولم يروا عذابي، فلم أر يومًا أكثر عتيقًا من النار من يوم عرفة". ذكره الهيثمي في المجمع (٣/ ٢٥٣) وقال: رواه أبو يعلى وفيه: محمد بن مروان العقيلي وثّقه ابن معين وابن حبان وفيه بعض كلام، وبقية رجاله رجال الصحيح، ورواه البزار إلا أنه قال: أفضل أيام الدنيا أيام العشر. أهـ وقال في موضع آخر (٤/ ١٧): وقد تقدم بطوله، رواه البزار وإسناده حسن، ورجاله ثقات. قلت: أما محمد بن مروان، فقد قال فيه أبو داود: صدوق وقال مرة: ثقة، وقال الحافظ: صدوق له أوهام، والحديث فيه أيضًا عنعنة أبي الزبير عن جابر. ولم يتفرد به هشام، فقد تابعه أيوب السختياني. أخرجه البزار (٢/ ٢٨ - زوائد) من طريق عاصم بن هلال عن أيوب عن أبي الزبير عن جابر به. وعاصم هو البارقي ضعفه ابن معين، وقال النسائي ليس بالقوي، وقال أبو داود: ليس به بأس وقال الحافظ: فيه لين. وتابعه (أي هشاما) مرزوق أبو بكر، أخرجه البزار (٢/ ٢٩ - زوائد) وابن خزيمة في "صحيحه" (٤/ ٢٦٣). وقال ابن خزيمة: أنا أبرأ من عهدة مرزوق. ومرزوق هو الباهلي (وقع في المطبوعة من البزار: مرزوق بن أبي بكر، وهو خطأ) صدوق. ويشهد لشطر الحديث الأول، ما أخرجه البخاري (٢/ ٤٥٧) والطيالسي (٢٦٣١) وأبو داود (٢/ ٨٥١) والترمذي (٣/ ١٢١) وابن ماجه (١/ ٥٥٠) عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه" قالوا: ولا الجهاد؟ قال: "ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء". أما شطره الثاني فيشهد له حديث عائشة في مسلم (٢/ ٩٨٢ - ٩٨٣) مرفوعًا: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار، من يومن عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء". وشاهد من حديث أبي هريرة، انظر التعليق على كتاب "العرش" (ص ٩١).