للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

العلو بعد أنَّ لم يكن، وإنْ كان حقيقة، "ثُمَّ" في اللغة للتراخي، ولا أوجب له الجهة، وإن كان العلو غير السفل كذلك ها هنا (١).

٢٦١ - وقد قال أحمد في رسالته إلى مسدد: إنَّ الله عزّ وجل ينزل في كل ليلة إلى السماء الدنيا ولا يخلو من العرش (٢).

فقد صرح أحمد بالقول إنَّ العرش لا يخلوا منه، وهكذا القول عندنا في قوله {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ} [الفجر: ٢٢] والمراد به مجيء ذاته لا على وجه الانتقال.

وكذلك قوله {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: ٢١٠] المراد به مجيء ذاته، لا على وجه الانتقال.

وقد حكينا كلام أحمد في ذلك في رواية أبي طالب وحنبل وكلام أبي إسحق في الكلام على قول النبي -صلى الله عليه وسلم- "أتاني ربي في أحسن صورة"، وليس يمتنع أن نثبت له نزول ذات، لا على وجه الانتقال لا يعقل معناه، وإنْ لم يعقل هذا في الشاهد، كما أثبتنا ذاتًا ويدين ووجهًا وعينًا لا يعقل معناه.

وقد عضد هذا الخبر القرآن، فذكر مقاتل (٣) في تفسيره في قوله تعالى:


(١) ذكرها اللالكائي (٢/ ٤٥٣) معلقة.
(٢) لم أجده في الرسالة المذكورة في ترجمة "مسدد" من طبقات الحنابلة (١/ ٣٤١ - ٣٤٥).
(٣) هو مقاتل بن سليمان البلخي، المفسر، أبو الحسن، روى عن مجاهد والضحاك وابن بريدة، وعنه حرمي بن عمارة وعلي بن الجعد وخلق. قال ابن المبارك: ما أحسن تفسيره لو كان ثقة، وقال مقاتل بن حيان: ما وجدت علم مقاتل بن سليمان إلا كالبحر.
وقال الشافعي: الناس عيال في التفسير على مقاتل.
وقال وكيع: كان كذابًا، وقال البخاري: قال سفيان بن عيينة: سمعت مقاتلًا يقول: إن لم يخرج الدجال سنة خمسين ومئة فاعلموا أني كذاب. وقال البخاري: سكنوا عنه، وقال النسائي: كان مقاتل يكذب وعن يحيى قال: ليس حديثه بشيء.
وقال أبو حنيفة: أفرط جهم في نفي التشبيه حتى قال: إنه تعالى ليس بشيء، وأفرط مقاتل -يعني في الإثبات- حتى جعله مثل خلقه. وقال ابن حبان: كان يأخذ من اليهود والنصارى =

<<  <   >  >>