الثالث: أنَّ في الخبر ما يُسقط هذا، وهو قوله "هل من سائل فيعطى سؤله هل من مستغفر فيغفر له" وهذه صفة تختص الذات، لا يصح وجودها من الرحمة والأفعال التي هي صفات قائمة بالذات.
فإن قيل: قوله "ينزل" معناه تنزل ملائكته بهذا النداء وبهذا الدعاء فيضاف ذلك إليه، كما يقالك ضرب الأمير اللص، ونادى في البلد، ومعناه: أمر بذلك، وكذلك قوله "ينزل عشية عرفة" يُحمل على ملائكته، وعلى نزول رحمته (١)؟!
قيل: هذا غلط لوجوه أحدها: أن في الخبر "ينزل ربنا عزّ وجل" وهذا لا يصح حمله على ملائكته، كما إذا قيل: نزل الملك ببلد كذا، لا يُعْقَل منه نزول أصحابه.
الثاني: قد رُوي في بعض الألفاظ ما يُسقط هذا.
٢٦٢ - وهو ما حدثناه أبو القسم بإسناده: عن أبي الدرداء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إنَّ الله -عز وجل- ينزل في ثلاث ساعات يبقين من الليل، فيفتح الذكر في الساعة الأولى، الذي لم تره عين فيمحوا الله ما يشاء ويُثبت، ثم ينزل في الساعة الثانية إلى جنة عدن، وهي داره وهي مسكنه التي لم ترها عين ولم يخطر على قلب بَشَر، وهي مسكنه لا يسكنها معه من بني آدم إلا ثلاث: النبيون والصديقون والشهداء، ثم ينزل في الساعة الثالثة إلى السماء الدنيا وملائكته، فتنتفض فيقول: قومي بعزتي، ثم يطلع إلى عباده فيقول: هل من مستغفرٍ فأغفر له، ألا من يسألني فأعطيه، ألا من داعٍ فأجيبه، حتى تكون صلاة الفجر،