للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)} [الفجر: ٢٢] وقوله {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة: ٢١] وقد امتنع قومٌ من إطلاق ذلك، وقالوا قوله "جنة عدن داره ومسكنه" معناه: دار كرامته ومثوبته، وهذا غلط لوجهين أحدهما: أنَّ جنة عدن لا تختص بكرامته ومثوبته (١) لأن سائر الجنان كذلك.

والثاني: أنه إنْ جاز تأويله على هذا، جاز تأويل الاستواء على العرش، على كرامته ومثوبته، وتأولوا قوله "لا يسكنها معه إلا الأنبياء والشهداء" على أنه معهم بالنصرة والكرامة، وهذا غلط، لأنَّ ذلك يُسقط فائدة التخصيص بجنة عدن، لأنه ناصرهم في غيرها، ولأن لفظة السُّكنى لا تستعمل في النصرة.

٢٦٥ - وقد ذكر أبو بكر النقاش (٢) في كتاب "الرسالة" في قوله {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)} [الفجر: ٢٢]: لو كان الجائي غيره، لكان الجائي غير الملك، وحُكي عن إسحق بن راهويه أنه قال: سألني رجل من الجهمية أنه قال: إذا نزل إلى السماء الدنيا يخلوا منه العرش؟ قال فقلت: يقدر أن ينزل ولا يخلوا منه العرش؟ قال: فسكت، قال فقلت: إنْ قُلتَ يقدر خُصمتَ، وإن قلت لا يقدر كفرت، ولأن تكون مخصومًا، خير من أن تكون كافرًا.

قال إسحق: وسألني رجل عن نزول الرب، وما توهم الرجل عند ذلك، فقلت: ما توهم عند قوله {يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ


(١) في هامش الأصل: في الأصل "ومثبوته" وفي التي تليها والصواب مثوبته. اهـ
(٢) تقدمت ترجمته.

<<  <   >  >>