للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهي داره ومسكنه لا يسكنها معه إلا النبيون والصديقون والشهداء" فإنه غير ممتنع حمله على ظاهره، وأنه يجوز إطلاق القول بأنَّ جنة عدن داره ومسكنه، لا على وجه الحد والجهة، كما أطلقنا القول بالاستواء على العرش، لا على وجه الجهة، وقد دلَّ على صحته هذا الإطلاق قوله تعالى {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} [تبارك: ١٦] فأخبر أنه في السماء ولا يمتنع أيضًا جواز إطلاق القول بأن الأنبياء والشهداء والصديقين سكان معه.

٢٦٤ - ويشهد لذلك قوله تعالى {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: ٧٩] حدثنا أبو القسم بإسناده: عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قول {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: ٧٩] قال: يُجلسه معه على السرير (١).

وأما قوله في حديث أبي الدرداء (٢) "يمحو الله ما يشاء ويثبت" فليس ذلك على معنى تغيير حكمٍ قد استقر، لكن على معنى تجديد كراماته ونعمه، ويأتي الكلام على هذا مستوفى في قوله تعالى {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: ٣٩] وهو مذكور في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- "من سرَّه أن يمدَّ الله في عُمره، ويُوسع عليه في رزقه، فليتَّق الله وليَصِل رَحِمَه" (٣).

وأما قوله في حديث أبي الدرداء "وينزل في الساعة الثالث وملائكته" فغير ممتنع حمله على ظاهره، ويشهد له قوله تعالى {وَجَاءَ رَبُّكَ


(١) عزاه السيوطي في "الدر المصون" (٥/ ٣٢٦ - ٣٢٨) إلى ابن مردويه والديلمي.
(٢) في الأصل؛ أبي ذر وهو خطأ، وكذا في الموضع الثاني.
(٣) يأتي تخريجه والكلام عليه.

<<  <   >  >>