للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

زَمَانٌ به لله كفٌّ كريمة … علينا ونعمًا لهن بَشير

أرادَ بذلك نعمة ظاهرة لله -عز وجل- فيه (١).

قيل: هذا غلطٌ، لأنه ليس شيءٌ من الأشياءِ خارجٌ عن ملكه وسُلطانه، ومن نفى ذلك كفر، وكذلك جميع الطَّاعات تقع بنعمةٍ من الله وتوفيقه، وإذا كان كذلك، فلا فائدة في تخصيص الصَّدقة بالنِّعمة وغيرها من الطاعات من جُملة نِعَمِه، وكذلك لا فائدة في تخصيص الصَّدقة بالمُلْكِ والسُّلطان وغيرها في ملكه وسلطانه، فوجب حمل الخبر على ظاهره، وما قاله الشاعر فهو على طريق المجاز، لأنَّ الحقيقة في هذه التَّسمية خِلافُ ذلك، ولا يَجوز إضافة المَجَازِ إلى صفات الله، لانَّ المجاز لا حَقيقة له.

فإن قيل: كيف يصح حمله على ظاهره، والصَّدقة من جُملة المُحْدَثات، والمحدثات لا تلاقي القديم!.

قيل: كما صَحَّ حمل قوله: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥]. على ظاهره وإنْ كان آدم من جملة المُحدثات، كذلك ها هنا لا يمتنع حمل (٢) ذلك على ظاهره


(١) كذا تأوله ابن فورك في "مشكل الحديث" (ص ٩١ - ٩٢).
وتأوله ابن الأثير في "النهاية" (١٨٩ - ١٩٠) بالقبول للصدقة! قال: "هو كناية عن محل قبول الصدقة! فكأن المتصدق قد وضع صدقته في محل القَبُول والإثابة، وإلا فلا كف لله ولا جارحة! تعالى الله عما يقول المشبهون عُلوًا كبيرًا! ".
وبنحوه قال المازري في كتابه "المعلم بفوائد مسلم" (٢/ ٢٥) ونقله النووي في شرحه (٧/ ٩٨) ونقله عن عياض أيضًا.
كذا قالوا!! والحديث النبوي قد نطق بإثبات الكف للرحمن جلَّ شأنه، فتأويلهم باطل لا مستند له من الحديث ولا غيره.
وقد ردَّ عليهم المصنف ها هنا، وانظر ما تقدم في إثبات اليمين في (الجزء الأول/ ١٦٨).
(٢) في الأصل: حمله، وليس بمستقيم.

<<  <   >  >>