للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أي إذا ما وقع الناس في الجَذْبِ والقحْط، له عليه أثَرٌ حَسن، ويحتمل أنْ يكون معناه بين أَثرين من آثار الله عزَّ وجلَّ، وفعلين من أفعاله (١).

قيل: هذا غلطٌ لوجوه:

أحدها: أنَّ حَمْله على المُلك والقُدرة والنِّعم والآثار، يُسقط فائدة التخصيص بالقَلب، لأنَّ جميع الأشياء هذا حكمها، وأنها في ملكه وبنعمه وبآثاره.

الثاني: أنَّ في الخبر ما يُسْقِط هذا، وهو قوله: "بين السَّبابة والتي تليها وأشار بيده هكذا وهكذا" وهذا يَمنع من صحة التأويل.

الثالث: أنَّه لو كان المراد به النِّعمتين، لكان القلبُ مَحْفوظًا بها ولم يَحتج إلى الدعاء، وَلمَّا دَعَا بالتَّثْبيت، لم يصح حمله على النعمتين، وهذا الثالث جواب ابن قتيبة، لأنَّه إذا كان بين نعمتين كان مَحْفوظًا بتلك النِّعمتين (٢).

وأما قول الشاعر فهو على طريق المجاز، فلا يَجوز استعماله في صفات الله تعالى، لأنَّه لا حقيقة للمجاز.

وأمَّا قوله: "والميزان بيد الرحمن يَرفَعُ أقوامًا ويَضَعُ آخرين" فلا يمتنع


(١) انظر "مشكل الحديث" لابن فورك (ص ٩٢ - ٩٤).
ونقل البيهقي في "الأسماء" (ص ٣٤١) نحوه عن أبي حاتم الخطيب.
(٢) "تأويل مختلف الحديث" (ص ١٤١).
وقد أثبت هذه الصفة -رحمه الله- تعالى فقال بعد ذلك: فإنْ قال لنا: ما الإصْبَع عندك ههنا؟ قلنا: هو مثل قوله في الحديث الآخر: "يَحملُ الأرضَ على إصْبَع وكذا على إصبعين" ولا يجوز أن تكون الإصْبَع ههنا نَعمة، وكقوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِه}. ولم يجز ذلك.
ولا نقول: إصْبعٌ كأصبعنا، ولا يدٌ كأيدينا، ولا قبضةً كقبضاتنا، لأنَّ كلَّ شيءٍ منه عزَّ وجلَّ لا يُشْبه شيئًا منا. اهـ.
وهو كلام جيد، جار على منهج السلف رحمهم الله تعالى.

<<  <   >  >>