للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: ٦٧] ثم أوْمى بيده، فقال له أحمد: قطعها الله وَحَردَ وقام (١).

وهذا محمولٌ على أنَّه قَصَدَ التشبيه، والموضعُ الذي أجازَه إذا لم يقصد ذلك، والوجه فيه: أنَّه ليس في حمله على ذلك ما يُغيِّر صفاته، ولا يخرجها عما تستحقه، لما بَيَنَّا في الحديث الذي قبله، وهو أنَّه إثباتَ الأصَابع كإثبات اليدين والوجه.

فإن قيل: المرادُ به إصْبَع بعض خَلْقٍ يخلقه، قالوا لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقل في الخبر على إصْبَعه، بل أطلق ذلك فيحمل عليه (٢).

قيل: هذا غلطٌ لوجهين:

أحدهما: أنَّ في الخبر يُسقط ذلك، وهو قوله: "وسائر الخلْق على هذه" فاقتضى ذلك أنَّه لم يبق مَخلوقٌ، إلا وهو على الإِصْبَع، فلو كان المرادُ به إصبَع بعض خلقه، لَخَرج بعضُ الخلق عن أن يكون على الإصبع. وهذا خلاف الخبر.

الثاني: أنَّ المفسرين قالوا: إنَّما يكون ذلك عند فَناءِ خلقه وإماتتهم، فلا يكون له مُجيبٌ غير نفسه {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: ١٦] فدلَّ بهذا على أنَّه لم يَبْقَ هناك خَلقٌ يضع السَّماوات على إصْبعَه.

فإن قيل: ففي الخبر ما يدلُّ على القدرة، وهو قوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الزمر: ٦٧] (٣).

قيل: معناه ما عَرَفوا الله حقَّ معرفته، وإذا كان هذا معناه، لم يكن المراد به القُدْرة، وهذا الحديث ذكره البخارى ومسلم في الصحيحين.

* * *


(١) شرح أصول الاعتقاد (٣/ ٤٣٢)، وحَرَدَ: أي ترك الجالسين وتحوَّل عنهم (اللسان).
(٢) انظر "مشكل الحديث" لابن فورك (ص ٩٥) فقد ذكر هذا التأويل الباطل.
(٣) ذكره في "مشكل الحديث" (ص ٩٦).

<<  <   >  >>