للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا يمنع تأويلهم بالفناء، لأنه أخبر أنها باقية في كفه.

فإن قيل: قوله: "بيمنيه" أي بقَسَمه، كأنَّه أقْسَمَ بها.

قيل: هذا غلطٌ، لأنَّا لا نعلم أنَّه أقْسَمَ بها ولو كان لنُقل، ولأنَّه ليس ها هنا حرف القسم.

فإنْ قيل: فالذي يَدُلُّ على أنَّ المراد بالقبض الفناء قوله: "أنا الملك وأين الملوك" فيقول هو {هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} قال المفسرون: إنَّما يكونُ ذلك عند فَنَاءَ خَلْقه وإمَاتَتِهم، فلا يكونُ له مجيبٌ غير نفسه "لله الواحد القهار".

قيل: ليس في ذلك ما يمنع قبضها بيده، لأنَّه يحتمل أنْ يَقْبضها بيمينه، ثم يفنيها.

٣١١ - وقد حمل أبو بكر عبد العزيز قوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: ٦٧]. على ظاهره وأنَّ ذلك راجعٌ إلى ذاته، ذكر ذلك في كتاب "التفسير" في الكلام على قوله: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: ٦٧]. فقال: قد قال بعضُ أهل العربية في قوله: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: ٦٧]. يقول: في قدرته واستشهد على ذلك بقوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: ٦]. وليس المراد بالملك اليمين دون سار الجسد، ولأنَّك تقول: هذا الشيء في قبضتك، أي في قدرتك، ثم أَجَابَ عن ذلك بأنْ قال: مَا رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعن الصحابة والتابعين يشهدُ على بُطلانِ هذا القول، وهو يَؤُولُ إلى قول جَهْمٍ وذلك قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥].

<<  <   >  >>