للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلا معنى لتخصيص السماء والأرض بذلك، ولأنَّه قال: "يأخذه بيده اليمني" وفي لفظٍ آخر: "بشماله" وهذه صِفَةُ ذاتٍ لا تختص القدرة والسلطان (١).

فإنْ قيل: يحتمل أنْ يكون قوله "قبضها" بمعنى أفناها، كقول القائل: قبض الله روح فلانٍ إليه، أفْنَاها ثم بسطها، أي ثم يُعيدها على الوجه الذي يُريد!

قيل: هذا غلطٌ لوجهين:

أحدهما: أنَّه قال يقبضها بيده، ولو كان المراد به الفَنَاء لم يعلقه باليد، لأنَّ فناء الأشياء لا يختص باليد.

٣١٠ - الثاني: أنَّ أبا مُحمد الحسن بن محمد الخلَّال رَوى فيما خَرَّجه من "أخْبار الصفات" بإسناده: عن ابن عباس قال: "يَطْوي الله السَّماوات السَّبْع بما فيها من الخَلِيقة، والأرضينَ السَّبع بما فيها مِنَ الخليقة بيمينه، فلا يرى من عند الإبهام شَيئًا، ولا من الخُنْصر شيئًا، ويكون ذلك في كَفِّه بمنزلة الخَرْدَلة" (٢).


(١) كذا تأولها ابن فورك في "مشكلة" (ص ٩٦ - ٩٧) والتأويل الذي سيذكره المصنف بعد. ونقل البيهقي نحوه في الأسماء (ص ٣٣١).
(٢) ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٧/ ٢٤٨) دون جملة "فلا يرى من عند الإبهام شيئًا ولا من الخنصر شيئا" وعزاه لعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
وأخرج ابن جرير (٢٤/ ٢٧) وعبد الله في "السنة" (١٠٩٠) عن معاذ بن هشام ثنى أبي عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس قال: ما السَّماوات السَّبع والأرضون السبع في يدِ الله، إلا كخردلةٍ في يد أحدكم.
أبو الجوزاء هو أوس بن عبد الله الربعي وهو تابعي ثقة، أرسل عن عمر وعلي قاله ابن أبي حاتم، وسمع عبد الله بن عمرو، قاله البخاري في التاريخ (٢/ ١٦) وروى بسنده عن عمرو ابن مالك النكري عنه قال: أقمت مع ابن عباس وعائشة اثنتي عشرة ليس من القرآن آية إلا سألتهم عنها. ثم قال: في إسناده نظر. وعمرو بن مالك هو النُّكري صدوق له أوهام. فالإسناد حسن إن كان أبو الجوزاء سمعه من ابن عباس.

<<  <   >  >>