للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَهرةً وعيانًا، وهو أنْ خلق في الجبل رُؤية حتى رَأى رَبَّه بأنْ أحياه، وجعله عالمًا رائيًا، ثم دَكَّه بعد الرؤية، وجعله علامةً لموسى في أنَّه لا يراه في الدنيا.

٣١٧ - وقد نا أبو القسم بإسناده: عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لمَّا تَجلَّى الله جَلَّ اسمه للجبل طَارَتْ لعظمته ستَّة أجْبُل، فَوَقعت ثلاثة بالمدينة وثلاثة بمكَّة، فوقع بالمدينة أُحُد وَورقان ورضوى، ووقع بمكة ثبير وحِرَاء وثَور" (١).

فإن قيل: يُحمل التجلي على إظْهار الفعل والتدبير.

قيل: إن جَازَ تأويل الخَبَر على هذا، جَازَ تأويل قوله: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: ١٤٣] على مجئ بعض ملائكته وكلامه لموسى دون الله، وكذلك قوله: "ترون ربكم" على رؤية أفعاله، وهذا لا يصح، كذلك ها هنا، وكذلك قوله: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام: ٣]. كما حملته المعتزلة على ظاهره في الذات دون الأفعال.

ويحتمل أنْ يكون ظهور (٢) سُبُحانه أوْجَبَ دَكَّه من غير أنْ يخلق فيه إدْراكًا، كما أنَّ النَّار إذا لاقت الجبل أوجب تقطيعه، وإنْ لم يحصل فيه إدراك، كما قال: "حجابه النُّور، لو كشفها عن وجهه، لأحرقت سُبُحان وجهه كل شيءٍ أدركه بَصَره".


(١) ضعيف جدًا، أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره -كما في تفسير ابن كثير (٢/ ٢٤٤ - ٢٤٥) - وأبو نعيم في الحلية (٦/ ٣١٤) عن معاوية بن عبد الكريم (وقع عند ابن كثير: ابن عبد الله وهو خطأ) عن الجلد بن أيوب عن معاوية بن قرة عن أنس مرفوعًا به.
قال ابن كثير: هذا حديث غريب بل منكر.
قلت: وفيه: الجلد بن أيوب البصري، قال الذهبي في المغني (١/ ١٣٥) ضعفه إسحاق ابن راهوية، وقال أبو الحسن الدارقطني: متروك.
وعزاه السيوطي في "الدر" (٣/ ٥٤٥) لأبي الشيخ وابن مردويه.
(٢) في الأصل: ظهوره سبحانه، وهو خطأ.

<<  <   >  >>