للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: المراد بالخنصر الشيء اليسير من آياته، فَذَكر الخنصر وضرب المثل به، لا أنَّه جَعَل له خُنْصُر (١).

قيل: هذا غلطٌ، لأنه لو كان المراد ذلك؛ لم ينكره حميد، ولا أنكره عليه ثابت، ولا أحتجَّ عليه بأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله، لأنَّ آيات الله لا تُنكر، فثبت أنَّ المراد بذلك صفةُ ذاتٍ.

وجوابٌ آخر: وهو أنَّه إنْ جاز حمل الخنصر على الشيء اليسير من آياته، جاز حمل التجلي للجبل، على إظهار بعض آياته للجبل حتى جعله دكًا، وكذلك جاز حملُ قوله: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: ١٤٣]. على أنَّه أَمَرَ بعضَ مَلائكته بكلامه، لا أنَّه كلمه بنفسه، وقد أجمعنا ومثبتوا الصفات على أنَّه تَجَلَّى بذاته للجبل، وكَلَّم مُوسى بنفسه، كذلك ها هنا يجب أنْ يُحمل الخنصر على أنها صفةٌ لذاته، كما وَجَبَ حمل اليد التي خلق بها آدم (٢).

* * *


= والتهذيب (٢/ ٢ - ٤)).
هذه هي بعض أقوال جهابذة هذا العلم ونقاده، وهي كافية في الردِّ على دعاوى أهل الأهواء، الذين إذا لم يجدوا تأويلًا مستساغًا مقبولًا؛ لجأوا إلى الطعن في المرويات!! ولو كان رواتها جبال الحفظ وأئمة المسلمين!! وقانا الله وإياكم شر فتنتهم وبلاءهم، ورد كيدهم في نحورهم.
(١) ذكره ابن فورك (ص ٩٨).
(٢) كتب بمحاذاته: بلغ مقابلة.

<<  <   >  >>