للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي لفظ آخر: مُوسى الله أَحَدٌّ من مُوسَاك، وسَاعِدُ الله أشدُّ من ساعدك" (١).

اعلم أنَّه غَيرُ ممتنعٍ حمل الخبر على ظاهره في إثباتِ "السَّاعِدِ" صفة لذاته، كما حملنا قوله تعالى: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥] على ظاهره، وأنها صِفَةُ ذاتٍ إذْ ليس في ذلك ما يُحيل صفاته، لأنَّا لا نحمله على ساعدٍ هو جارحة، بل صفَةُ ذاتٍ لا نعقلها، كما أثْبتنا ذاتًا لا كالذوات.

فإن قيل: المراد بالسَّاعد ها هنا: القُوة، فعبَّر عنها بالساعد لأنَّه محل للقوة، وقد يعبر عن الشيء بمحله كما سَمَّت (٢) العرب البصر: عينًا، والسمع: أذنًا، كذلك تُسمى القدرة ساعدًا، ومنه يقال: جمعت هذا المال بقوة سَاعِدِي، ويرادُ به بالتَّدبير والقوة، دون المباشرة بالساعد (٣).

قيل: هذا غلطٌ، لأنَّه يُوجب حمل قوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥] معناه بالقدرة.

فإن قيل: إنما لم نحمل اليد على القُدْرة لأنَّ في ذلك إبطالُ فضيلة آدم على إبليس، لأنَّ الله تعالى قال: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥]. على طريق التفضيل، وليس في حمل هذا الخبر على القُدرة إبطال فائدة (٤).


(١) صحيح، أخرجه أبو داود الطيالسي (١٣٠٣، ١٣٠٤) وأحمد (٣/ ٤٧٣) وابن منده في "الرد على الجهمية" (٥٥) والحاكم (٤/ ١٨١) والبيهقي في "الأسماء" (ص ٣٤١ - ٣٤٢): من طرق من شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا الأحوص يحدث عن أبيه قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا قَشِفُ الهيئة … " الحديث.
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(٢) في الأصل: سمعت، وهو خطأ ظاهر.
(٣) انظر "مشكل" ابن فورك (ص ١٠٣).
ونقله البيهقي في "الأسماء" (ص ٣٤٢) فقال: وقال بعض أهل النظر.
(٤) انظر "مشكل" ابن فورك (ص ١٠٤).

<<  <   >  >>