للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: قوله: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: ٣٩] أيْ، بمرأى منِّي وبمشهدٍ مني، وقيل فيه: بحفظي وكلائتي، وكذلك قوله: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} [هود: ٣٧]. أي بحفْظِنا وكلائتنا.

وقيل بمرآى ومشاهدةٍ منَّا، وكذلك قوله: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: ٤٨]. وكذلك قوله: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: ١٤].

وقيل: المراد به أعينُ الماء التي أخرجها من الأرض، وكذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في المُصلِّي: "بين عيني الرحمن" أي: بحفظه وكلائته، ومعناه: أنَّ الله حافظٌ للمصلي، ألا ترى أنَّه قال: أنا خيرٌ لك ممن تلتفت إليه.

قيل: هذا غلطٌ، لأنَّ الله تعالى كان رائيًا له، ومُشَاهِدًا له قبل جريان الفلك، وقبل طَرْحِه في اليَمِّ، وكذلك كان حافِظًا وكالِئًا قبل وجود الجَرَيان، وطرحه في اليم، بقوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ} [الأنبياء: ٤٢]. فتبيَّن أنَّ كلائته لنا بالليل والنهار.

* * *


= والكذب لا يصلح منه جدًّ ولا هزل، فمن أي الناس سمعت أنه قال: جارحٌ مركب؟ فأشر إليه، فإن قائله كافر! فكم تقرر قولك جسم مركب، وأعضاء وجوارح وأجزاء، كأنك تُهوِّل بهذا التشنيع علينا، أن نكفَّ عن وَصْفِ الله بما وصف به نفسه في كتابه وما وصفه به الرسول!! ونحن وإن لم نصف الله بجسمٍ كأجسام المخلوقين، ولا بعضو ولا بجارحة، لكنَّا نصفه بما يغيظك من هذه الصفات التي أنت ودعاتك لها منكرون، فنقول: إنه الواحد الأحد، الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، ذو الوجه الكريم، والسمع السميع، والبصر البصير، نور السماوات والأرض ....
ثم قال: وأما تفسيرك عن ابن عباس فمعناه الذي ادَّعينا، لا ما ادعيت أنت، يقول: بحفظنا وكلاءتنا بأعيننا، لأنه لا يجوز في كلام العرب أن يوصف أحد بالكلاءةِ إلا وذلك من ذوي الأعين، فإنْ جهلت فسمِّ لنا شيئًا من غير ذوي الأعين يوصف بالكلاءة، وإنما أصل الكلاءة من أجل النظر، وقد يكون الرجل كالثًا من غير نظر، ولكنه لا يخلو أن يكون من ذوي الأعين، وكذلك قولك: عين الله عليك، فافهم! ".

<<  <   >  >>