للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقد نطق الكتاب والسُّنة بإثبات هذه الصفة، وغير ممتنعٍ حمل ما رواه واثلة على ظاهره، لا على وجه التكرار، كما جازَ وَصفه تعالى بأنَّ له تِسْعَةً وتسعين اسمًا لا على وجه التحديد، وكما جاز وصفه بالعُلُو لا في جهة، وكذلك جواز النظر إليه لا في جهة، وإنْ كُنَّا نعلم أن العلو ضد السفل، والنَّظَر لا يصح في الشَّاهد إلا في جهةٍ، كذلك ها هنا.

وكما جاز وصفه بالذَّات، وإن كان حقيقة الذات في الشاهد هو الجسم المؤلف، وكذلك جاز وصفه بالسَّمع والبصر والوجه وغير ذلك، ولا نقول إنها جميعه ولا بعضه، وإنْ كانت في الشاهد أنها بعض الذات، كذلك لا يمتنع وصفه بالعَدَدِ وإنْ لم يتعدد، ولا يصح تأويله على ما يُحدثه في كلِّ حالٍ من تغيير الأحوال لوجهين:

أحدهما: أن ما يُحدثه لا يختص بتسْعةٍ وتسعين رحمة.

والثاني: أن هذه الأشياء تصدر عن القُدْرةِ لا عن النظر.

فَعُلِم أن المراد بالخبر إثبات صفة ترجع إلى النظر الذي هو الرؤية، لا على وجه التكرار لاستحالة التكرار في صفات ذاته، لأنّ تكرارها يُفضي إلى حدثها (١).


(١) هذا القول غير صحيح، فمن المعلوم من الكتاب والسنة أن الله تعالى لم يزل ولا يزال يفعل ما يشاء متى شاء، قال تعالى: {قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}] آل عمران: ٤٠]. وقال تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة: ٢٥٣]. وقال سبحانه: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٦)} [البروج: ١٥ - ١٦]. وقال تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (١٠٩)} [الكهف: ١٠٩].
ودوام الفعل من الكمال، فبإن الفعل إذا كان صِفَة كمال؛ فدوامه دوام كمال.
وقد ذكر أهل الكلام لفظ "تسلسل الأفعال" وهو لفظٌ مجملٌ، لم يرد بنفيه ولا إثباته كتاب ولا سنة، ليجب مراعاة لفظه، وهو ينقسم إلى واجب وممتنع وممكن.
فالتسلسل في المؤثرين: محالٌ ممتنع لذاته، وهو أن يكون مؤثرون كل واحدٍ منهم استفاد =

<<  <   >  >>