فإن قيل: فَنَتَأَوَّل قوله: "من في الرحمن "معناه من الرحمن.
قيل: هذا غلط، لأنَّه يَتضمَّن حَذْفَ صِفةٍ قد وَرَدَ الخبر بها (١)، وعلى أنَّه إنْ جَاز هذا التأويل؛ وجب مثله في قوله {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[ص: ٧٥]. معناه بذاتي ويكون ذكر اليد زائد، وكذلك قوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ (٢٧)} [الرحمن: ٢٧]. وقوله:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}[القصص: ٨٨]. المراد به: ذاته، وليس المراد به الوجه الذي هو صفة، وَلمَّا لم يجز هذا هناك؛ كذلك ها هنا، ولأن هذا يُؤَدي إلى جواز القول بأنَّ لله في، وأنَّه يجوز أنْ يُدْعى فيقال: يا في اغفر لنا، وهذا لا يجوز، فامتنع أنْ يكون المراد بالفي الذات، لأنَّه لا يجوز وصفه ودعاءه بذلك.
* * *
(١) قد تقدم أن الخبر لا يصح، فلا يُثبت به لله تعالى صفة.