للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجملة ومُفَصَّلة في الآياتِ والسُّور، ويكون ذِكْر السور والآيات عَلَاماتٍ لتفصيل الأحكام.

الوجه الثاني: أنْ يكون الجَمْعُ راجعًا إلى جمع فهمه وعلمه ومعرفته، وذلك لا يُفْضي إلى الحدث في القرآن لأنَّ الجمع يحصل في صفات القارئ لا في القُرآن، ولأنَّ المقرؤ عبارة عن المجموع، ثم لم يوجب ذلك منع وصفه بذلك، كذلك في القراءة.

٣٧٩ - وقد ذكر أبو بكر بن الأنباري في كتاب "الزَّاهِر" فقال: إنَّما سُمِّي القُرآنُ قُرآنًا فيه قولان:

أحدهما: قاله أبو عبيدة: لأنَّه يجمعُ السّور ويضمها.

وقال قطرب: إنَّما سُمي القُرآن قرآنًا، لأنَّ القارئ يظهره (١) ويلقيه من فيه، أُخِذَ من قول العربِ: ما قرأت النَّاقَةُ سَلَا قَط، أي: ما رمت بولد (٢).


= فهذا إلحاد في أسمائه وصفاته وآياته.
الثالث: قول من يقول: إن ما بلَّغته الرسل عن الله من المعنى والألفاظ ليس هو كلام الله!
وإن القرآن كلام التالين لا كلام رب العالمين!
فهذه الأقوال الثلاثة باطلةٌ بأي عبارة عُبر عنها.
وأما قول من قال: إن القرآن العربي كلام الله، بلَّغه عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنه تارة يُسمع من الله، وتارة من رسله مُبلِّغين عنه وهو كلام الله حيث تَصَرَّف، وكلام الله تكلَّم به لم يَخلقه في غيره، ولا يكون كلام الله مخلوقًا، ولو قرأه الناس وكتبوه وسمعوه.
وقال مع ذلك: إن أفعال العباد وأصواتهم وسائر صفاتهم مخلوقة، فهذا لا ينكر عليه.
وإذا نفى الحلول، وأراد به أن صفة الموصوف لا تُفارقه وتنتقل إلى غيره، فقد أصاب في هذا المعنى، لكن عليه مع ذلك أن يؤمن أن القرآن العربي كلام الله تعالى، وليس هو ولا شيء منه كلامًا لغيره، ولكن بلَغته عنه رسله، وإذا كان كلام الله المخلوق يُبَلَّغ عنه، مع العلم بأنه كلامه حروفه ومعانيه، ومع العلم بأن شيئًا من صفاته لم تفارق ذاته، فالعلم بمثل هذا في كلام الخالق أولى وأظهر، والله أعلم".
انظر مجموع الفتاوى (١٢/ ٢٣٥ - ٢٤٥، ٢٩٣ - ٢٩٥).
(١) في الزاهر: لأن القارئ يظهره ويبينه ويلقيه من فيه.
(٢) "الزاهر في معاني كلمات الناس" (١/ ٧١ - ٧٢) باختصار، ط مؤسسة الرسالة ١٤١٢ هـ.

<<  <   >  >>