للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وحروفه ليست كلام الله!! فأخذ بنصف قول المعتزلة ونصف قول أهل السنة والجماعة! وقال: القرآن حكاية عن كلام الله وليس بكلام الله!!
وجاء بعده أبو الحسن الأشعري فسلك مسلكه في إثبات أكثر الصفات، وفي مسألة القرآن، واستدرك عليه قوله: إن هذا حكاية، وقال: الحكاية إنما تكون مثل المحكي فهذا يناسب قوله المعتزلة، وإنما يناسب قولنا أن نقول: هو عبارة عن كلام الله! لأن الكلام ليس من جنس العبارة! وقد ظنَّ بعضهم أن قولنا: إن كلام الله في قلوب أنبيائه وعباده المؤمنين وإنهم يتلونه بألسنتهم، وإن كلامه تعالى في المصحف أن ذلك يقتضي الحلول، الذي هو من جنس قول النصارى والحلولية من المتصوفة وغيرهم، وهو باطل!
وقد تنازع الناس في إثبات لفظ الحلول ونفيه: هل يقال إن كلام الله حال في المصحف أو حال في الصدور أم لا؟
فمنهم طائفة نفت الحلول كالمصنف (القاضي أبي يعلى) وأمثاله، وقالوا: ظهر كلام الله في ذلك ولا نقول: حلَّ، لأن حلول صفة الخالق في المخلوق، أو حلول القديم في المحدث مُمتنع. وطائفة أطلقت القول بأن كلام الله حال في المصحف كأبي إسماعيل الأنصاري الهروي وغيره قالوا: ليس هذا هو الحلول المحذور الذي نفيناه، فَنُطلق القول بأن كلامه حال في المصحف دون حلول ذاته.
وطائفة ثالثة كأبي علي بن أبي موسى وغيره قالوا: لا نطلق الحلول نفيًا ولا إثباتًا، لأن إثبات ذلك يُوهم انتقال صفة الرب إلى المخلوقات، ونفي ذلك يوهم نفي نزول القرآن إلى الخلق، فنُطلق ما أطلقته النصوص، ونُمسك عما في إطلاقه محذور، لما في ذلك من الإجمال.
وقال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمهُ اللهُ بعد أن ذكر التنازع السابق: "وأما قول القائل إن قلتم: إنَّ هذا نفس كلام الله فقد قلتم بالحلول، وإن قلتم غير ذلك قلتم بمقالتنا (أي أنه عبارة عن كلام الله) فجواب ذلك أن المقالة المنكرة هنا تتضمن ثلاثة أمور فبإذا زالت لم يبق منكرًا.
أحدها: من يقول إن القرآن العربي لم يتكلم الله به! وإنما أحدَثه غيرُ الله كجبريل ومحمد والله خلقه في غيره!
الثاني: قول من يقول إن كلام الله ليس إلا معنى واحدًا هو الأمر والنهي والخبر، وأن الكتب الإلهية تختلف باختلاف العبارات لا باختلاف المعاني، فيجعل معنى التوراة والإنجيل والقرآن واحدًا، وكذلك معنى آية الذين وآية الكرسي، كمن يقول: إن معاني أسماء الله الحسنى بمعنى واحد، فمعنى العليم والقدير والرحيم والحكيم معنى واحد! =

<<  <   >  >>