وكذلك قوله:"وأمّا الآخر فَاسْتَحيا فاسْتَحيا الله منه" فيحتمل أنْ يكونَ معناه: أنه يترك أذى القوم بمزاحمتهم في مجلسه، فترك الله عقوبته وعَفَا عنه، وكذلك قوله:"إنَّ رَبَّكم حَي كَريمٌ" أنَّه يترك عقوبة العَبد على خطيئته (١).
قيل: هذا غَلَطٌ، لأنّه يُسقط فائدة التخصيص بهذه الصفة، لأنه قد يُعطى مع وجود هذه الصِّفة التي هي رفعُ اليدين ومع عدمهما، فوجب حمله على فائدة، ولا فائدة إلا إثباتُ هذه الصفة.
وجَوابٌ آخر: وهو أنَّه لو كان الحياء عبارة عن الترك؛ لحصل تقدير الخبر: إن الله يترك يده صِفْرًا، وقد قالوا إن معناه: أنه لا يترك يده صِفْرًا من العطاء، فعلى هذا تحصيل عبارة عن ضِد الترك، فلا تستقيم العبارة والتأويل.
فأمَّا قوله:"سِتِّير" أي ساتر يستر على عباده كثيرًا من عيوبهم، ولا يُظهرها عليهم، وسَتير بمعنى سَاتِر، كما جاء قدير بمعنى قادر، وعليم بمعنى عالم.
* * *
(١) تأويل الحياء بالترك تأويل باطل! لا دليل عليه! وهو تفسير للصفة بلازمها، فإن الترك من لوازم الحياء، وليس هو الحياء نفسه!