وأمّا قوله تعالى:{يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ}[الزمر: ٥٦] فحكى شيخنا أبو عبد الله رحمه في كتابه، عن جماعة من أصحابنا الأخذ بظاهر الآية في إثْبات الجنب صِفَة له سبحانه.
٤٠٠ - ونقلت من خط أبي حفص البرمكي قال ابنُ بَطَّة: قوله: "بذات الله" أمر الله كما تقول: في جَنْبِ الله، يعني في أمر الله.
وهذا منه يمنع أنْ يكون الجنب صِفَةَ ذَاتٍ، وهو الصحيح عندي، وأنَّ المراد بذلك التَّقْصير في طاعة الله، والتَّفريط في عبادته، لأن التَّفريط لا يقع في جنب الصِّفة، وإنَّما يَقَعُ في الطَّاعة والعبادة، وهذا مستعملٌ في كلامهم: فلانٌ في جَنب فلان، يريدون بذلك في طاعته وخدمته والتقرب منه.
ويبين صحة هذا التأويل ما في سياق الآية من قوله:{فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[الزمر: ٥٨]. {لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}[الزمر: ٥٧]. وهذا كله راجع إلى الطاعات.
٤٠١ - وقد اعتبر أحمد القرائن في مثل هذا، فقال في قوله تعالى:{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ}[المجادلة: ٧]. قال: المراد به علمه، لأن الله افتتح الخبر بالعلم، وختمه بالعلم.