للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: فما معنى قوله تعالى: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ} [فاطر: ١١].

قيل: معنى ذلك: أي مَنْ قَلَّ عمره أو كَثُر فهو يمضي (١) إلى أَجَله الذي كُتِب له، وقوله: {وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} كل يوم حتى ينتهي إلى أجله {إِلَّا فِي كِتَابٍ}، يعني في اللوح المحفوظ مكتوب قبل أنْ يخلقه، قد بَيَّن قدره، لا أنَّه يكون زَائدًا ثم ينقص، أو ناقصًا ثم يزيد، لأنّ ذلك يُؤدي إلى أنْ لا يكون الله تعالى عالمًا بالأشياء قبل كونها، على حسب ما يكون، ولا يجوز ذلك في وَصْفه، فَعُلِم أن المراد به تعريفنا أنّ التفاوت الواقع بين الأعمال في اختلاف مددها في الطول والقصر، والزيادة والنقصان، كل ذلك في كتاب مبين على حكم واحد، صدر عن علم سابق محيط.

والمخالف في هذا الأصل "القَدَريَّة" لأنهم يقولون بقطع الأجل، ومعنى ذلك: أن يكون الله تعالى قد جعل لبعض الأحياء مدة حياته خمسين سنة، ثم يقتله القاتل فيجعل ذلك سَنَةً، ويقطع عليه بلوغه المدة التي قَدَّرَ الله له ذلك.

وهذا قولٌ يخالف ما تقدم من الكتاب والسُّنّة، ويؤدي إلى وَصْفِ الله عَزّ وجلَّ بالقَهر والغَلَبة، لأنَّه إذا أراد أن يكونَ أجل زَيد خمسين سنةً، وأراد غيره أنْ يكون سَنَةً، فلم يمكن من بلوغه الأجل الذي أجَّلَه الله له، وأراد أن يَبلغه عليه


= قلت: قوله "رواه الطبراني في الصغير" وَهْمٌ منه رحمه الله، فقد راجعت المعجم الصغير كله فلم أجد الحديث فيه.
أبو مشجعة وهو ابن ربعي الجهنى قال عنه الحافظ: مقبول، وكذا مسلمة بن عبد الله.
وسليمان بن عطاء، قال البخاري: في حديثه مناكير، وقال أبو زرعة: منكر الحديث وكذا أبو حاتم وزاد: يكتب حديثه.
(١) في الأصل: يعني.

<<  <   >  >>