وسبب ضلالهم هذا؛ أنهم زعموا أن الله شاء الإيمان من الكافر، ولكن الكافر شاء الكفر، فرَّوا إلى هذا لئلا يقولوا: شاء الكفر من الكافر وعذَّبه عليه! ولكنهم صاروا كالمستجير من الرمضاء النار، فإنهم هربوا من شيء، فوقعوا فيما هو شرٌّ منه، فإنه يلزمهم أن مشيئة الكافر غلبت مشيئة الله تعالى، وهو من أقبح الاعتقاد! والصواب أن الله تعالى شاء أن يقع الكفر من الكافر ولكنه لا يحبه ولا يرضاه فيشاؤه، كونًا ولا يرضاه دينًا، قال تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}، ومنشأ ضلالهم إنما هو في التسوية بين المشيئة، والرضا والمحبة. انظر العقيدة الطحاوية (ص ١١١) وما بعدها بشرحنا.