للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل فيه: أنَّه يمحو بياضَ النَّهار ويُثبتُ سوادَ الليل، ويُثبتُ بياضَ النهار ويَمحو سوادَ الليل.

وقيل: معناه تعريفنا أنّ الإيجاد والإِعدام، والإثبات والنفي، متعلقٌ بمشيئته على حسب ما سبق به علمه، وجرى به قلمه، لا يكون ذلك إلى غيره أو من غيره (١).

فإن قيل: فما معنى قوله تعالى مُخبرا عن نوح عليه السَّلام أنَّه قال لقومه: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [نوح:٣ - ٤] (٢). وقال عزَّ وجلَّ في آيةٍ أخرى: {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (٢)} [الأنعام: ٢].

قيل: أما قول نوح إنّه يؤخرهم إلى أجلٍ مسمى إنْ آمنوا وبَلَغُوه يكون أجلًا لهم ولم يثبت الله تعالى لهم أجلًا لم يبلغوه، ولا قال إلى أجلٍ لكم مسمى، بل لم يُضف إليهم الأجل (٣) ونكَّره فَبَانَ أن المراد أَجَلًا من الآجال، لو آمنوا وبَلَغوه كان لهم أجلًا، يبين صحة هذا قوله في سياقها: {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [نوح: ٤]. يريد بذلك ما هو


(١) وقال ابن كثير (٢/ ٥١٩) بعد أن ذكر أقوال المفسرين: ومعنى هذه الأقوال أن الأقدار يَنْسخُ الله ما يشاء منها ويُثْبت منها ما يشاء، وقد يُستأنس لهذا القول بما رواه الإمام أحمد حدثنا وكيع … عن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الرجل لَيُحْرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر" … وثبت في الصحيح: أن صلة الرحم تزيد في العمر، وفي حديث آخر: "إن الدُّعاء والقَضَاء لَيَعْتَلِجان بين السَّماء والأرض" اهـ.
(٢) في الأصل: [فاتقوا الله وأطيعون يغفر لكم … ] وهو وهم في الآية.
(٣) في الأصل: الأمل، والصواب ما أثبتناه، وقد نبه عليه الناسخ.

<<  <   >  >>