للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

اعلم أن الكلام في هذا في فصلين: أحدهما: في "اليد" والثاني في قوله: "على الجماعة".

أما الأول: فإنه غيرُ ممتنعٍ حمل اليد ها هنا على أنها يد صفة للذات كقوله: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥]. وكذلك قوله: "قَلبُ العَبْدِ بين أَصْبُعَين مِنْ أصَابع الرَّحْمَنِ" على أنها صفة للذات كذلك ها هنا.

فإن قيل: إنَّما لم تُحمل (١) اليد في خلق آدم على الذات، لأن في ذلك إبطال فضيلة آدم وتشريفه على إبليس، لأن إبليس أيضًا مخلوق بالذات.

قيل: قد أجبنا عن هذا السؤال في حديث "الساعد" بما فيه كفاية (٢)، وعلى أنَّ الخبر قُصِدَ به تشريفُ الجماعةِ ومدحِها، والحثِّ على متابعتها وذمِّ مفارقتها، فإذا حُمل الخبر على الذات أبطلنا فضيلة الجماعة، لأنَّ غير الجماعة هو معها.

فإن قيل: تُحمل اليد ها هنا على الذات، كقوله: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس: ٧١] معناه: مما عملنا، وكقوله: {مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: ٣٣]. معناه: مما ملكتم أنتم، كقوله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧]. معناه: المالك لعقدة النكاح، لأنَّا رأينا من يملكه مقطع اليد.

قيل: هذا غلطٌ، لأنَّه إنْ جازَ تَأْويل اليد ها هنا على الذات؛ جاز تأويل قوله: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} على الذات، ولأن هذا يؤدي إلى جواز القول بأن الله يد! لأنه قد عبَّر عن الذات باليد! وأنَّه يجوز أنْ يُدْعى فيقال: يا يد اغفر لنا، وقد أجمعت الأمة على خِلافه.


(١) في الأصل مهملة النقط، ولعل ما أثبتناه هو الصواب.
(٢) تقدم.

<<  <   >  >>