للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٨٣ - وقد حكيت كلام هذا القائل في "مَسَائل القُرآن" وبيَّنت أن هذا قول يؤدي إلى حَدَثِ القُرآن، ويثبتُ الفرق بين الكلام والخلق، فإن قيل: فقد روي إنَّ الله تعالى يتكلم في وَقْتٍ بعد وقت، نحو ما روى إن الله تكلَّم بعد ما خلق ذريَّة آدم، وتكلم لما خَلَق ذرية آدم وأخذ الميثاق عليهم، وتكلم بعد أنْ بعث إبراهيم، وبعد أنْ بَعَثَ أيوب وداود.

قيل: معناه: أنه يُفهم خلقه ويُسمعهم كلامه وَقْتًا بعد وقت، أو شيئًا فشيئًا.

وكذلك الجواب عَمَّا روي إن الله يكلَّم عباده بعد قيام القيامة فقال: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ} [المائدة: ١٠٩] وقوله {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ} [ق: ٣٠] وقولُ أهل الجنة له: "يا ربِّ ألم تَغْفِر لنا؟ فيقول: بَلَى".

معناه ما تقدم من الإفهام والإسماع لكلامه القديم (١).

* * *


(١) هذا تأويل لصفة الكلام! فالكلام شيء والإفهام شيء آخر! وقد يسمع الإنسان الكلام ويظل زمنًا يتفكر فيه حتى يفهمه، وربما فهم منه شيئًا، ثم بعد مدة يفهم منه، ما لم يفهم من قبل.
وليس في إثبات كلام تعالى متى شاء إذا شاء، ما يخالف كماله، أو يقتضي التشبيه بالمخلوقات، بل مذهب السلف كما تقدم مرارًا: إثبات الصفات له - مما ثبت في الكتاب والسنة - مع تنزيهه عن مماثلة المخلوقات كما قال عز وجل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير} [الشورى: ١١] وهذا جار في الصفات كلّها.

<<  <   >  >>