للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث داود "خُذْ بقدمي" لا على وجه المُمَاسَّة والجهة والأبعاضِ، كما جازت رُؤْيته لا في جهة، وكما جاز الإسْتواء عليه على العرش لا في جهته.

فإنْ قيل: المرادُ بالقَدَمِ ها هنا قَدَمُ بعض خَلْقِهِ، من الملائكةِ: أو غيره، لأنَّه لم يَقُلْ هو موضع قدمي الله عَزَّ وجَلَّ.

قيل هذا غلط، لوجوه:

أَحَدُها: أن قوله "كُرسيه" المراد بهذه الإضافة الله تعالى، وقوله "موضع قدميه" كناية، والكناية ترجع إلى من تقدم ذكره.

الثاني: أنَّه قد روي مُفسرًا عن ابن عباس فيما حدثنا أبو القاسم بإسناده: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: "الكُرْسي مَوْضعُ قَدَمِ الرَّحْمنِ جَلَّ وعَزَّ، والعَرْش لا يَقْدِرُ أَحَد قَدْرَه".

فإنْ قيل: يحتمل أنْ يكون المراد بالكرسي العَلْم، فيكون معناه: وَسِعَ عَلْمه السَّموات والأرض (١).


(١) قد رواه ابن جرير (٣/ ٧) والبيهقي في الأسماء (ص ٣٩٢) معلقًا عن مطرف عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال (وسع كرسيه) قال: كرسيه علمه. قال البيهقي: وسائر الروايات عن ابن عباس وغيره، تدل على أن المراد به الكرسي المشهور المذكور مع العرش.
وقال ابن أبي العز في شرح الطحاوية (ص ٣١٢)، وقيل: كرسيه علمه وينسب إلى ابن عباس، والمحفوظ عنه ما رواه ابن أبي شيبة كما تقدم (أي كرسيه: موضع قدميه).
ومن قال غير ذلك فليس له دليل إلا مجرد الظن، والظاهر أنه من جراب الكلام المذموم، كما قيل في العرش، وإنما هو كما قال غيرُ واحد من السلف: بين يدي العرش كالمرقاة إليه إنتهى.
وقال ابن منده عن جعفر بن أبي المغيرة: ليس هو بالقوي في سعيد بن جبير وقال بعد أن ذكر هذا الأثر: لم يتابع عليه. (ميزان الاعتدال للذهبي: ١/ ٤١٧)
والأثر عزاه السيوطي في الدر (٣/ ١٨٩): إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
تنبيه: لا يظن ظان احتياج الرب إلى الكرسي أو العرش، أو إلى شيء من مخلوقاته {فَإِنَّ =

<<  <   >  >>