للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَملَة العَرْش من أولِ النَّهار" وأنَّ الثقل يحصل بذات الرحمن، لا على وجه الاعتماد وثقل الجثة، كذلك ها هنا.

فإن قيل: محتمل أنْ يَخلقَ الله أطِيطًا في الكرسي، يكون ذلك علامة للملائكة.

قيل: هذا غلط، لأنَّه يقتضي أن الأطيطَ يحصل بالجلوس، لأنَّه أَضَافه إليه تعظيمًا لشأن الجلسة.

فإنْ قيل: معناه أَطِيط الملائكة بالتَّسبيحِ حول العرش، فَأُضيفَ الأطيط إلى العرش، والمرادُ به حملته، كما يقال: اجتمعت اليَمامة، والمراد به أهلها.

قيل: هذا مجاز لأنَّه أضافَ الأطيط إلي العَرش، وأمَّا قوله "وأنَّه يقعد عليه فما يَفضُل من مقدار أرْبع أَصابع، ثم قال بأصابعه يجمعها" "فما" هاهنا بمعنى "الذي" كقوله {عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ} [النحل: ٩٦] معناه: الذي عندكم، وإذا كانت بمعنى الذي، فالفضْلة مِنَ الكرسي، وإنَّ الله أخَلاهَا من وصفه بالجلوس عليها، لأنَّه قد صَرَّحَ بذلك في رواية ابن أبي شيبة فقال: "مما يَفْضُل من العَرش إلا أربع أصَابع" فأمَّا ما حَدُّ الفَضلة بالأصَابع، فلا يُعْقَل معنى الأصابع لأنَّها غير منصوصٍ عليها (١).


(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "وهذا معنى غريب! ليس له قط شاهد في شيء من الروايات، بل هو يقضي أن يكون العرش أعظم من الرب وأكبر!! وهذا باطل مخالف للكتاب والسنة وللعقل.
ويقضي أيضًا: أنه إنما عرف عظمة الرب بتعظيم العرش المخلوق، وقد جعل العرش أعظم منه، فما عظم الرب إلا بالمقايسة بمخلوق هو أعظم من الرب وهذا معنى فاسد مخالف لما علم من الكتاب والسنة والعقل.
فإن طريقة القرآن في ذلك أن يبين عظمة الرب، فإنه أعظم من كل ما يعلم عظمته، فيذكر عظمة المخلوقات، ويبين أن الرب أعظم منها" انتهى.

<<  <   >  >>