للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٤٧ - قال ابن الأعرابي: هو على عرشه كما أَخْبَر، فقيل له: استوى استولى! فقال: العربُ لا تقول: اسْتَوْلَى على الشَّيء، حتى يكونَ له فيه مُضَاد، فأَيُّهما غَلَبَ قيل استولى، واللهُ تعالى لا مُضَادَ له، وهو على عرشه كما أَخبر، والإستيلاء بعد المُمَانَعَة (١).

ولا يجوز حمله على معنى المِلك، لأنَّه كان يَجبُ أنْ يقال: إنَّه استوى فوق البيت، لأنَّه ملك البيت، واستوى على الدَّابة لأنَّه مَلَكَها، ولا يَجوز حمله على الإعتلاءِ بالقُدْرة، والمَنْزِلة والرِّفعة والغلبة، لأنَّ في حديث عمر الذي تقدم عن - صلى الله عليه وسلم - "كُرسيه فوق السَّمواتِ والأرض وأنَّه يقعد عليه" وعن عمر نفسه "إذا جَلَس الله على الكُرسي سمع له أَطِيط" والجُلوس والقُعود (٢) لا يعبر به عن الإعتلاء بالقُدْرة.

وعلى أنَّه لم يزلْ مُعْتليًا على الأشياء، فلما أضافَ الاستواء إلى العرش وجب أنْ يكون لهذا التخصيص فائدة، ولا يجوز حمله على معنى: تَمَّ له ما في السَّموات والأرض، لأنَّ ذلك يُؤدي إلى أن الأشياء لا تَتم لله، ولا تحصل مقدورةً له، إلا بعد وجودها، وهذا كفر! (٣).


(١) أثر صحيح، رواه البيهقي في الأسماء (ص ٤١٥) تعليقًا واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (٣/ ٣٩٩) والخطيب في تاريخه (٥/ ٢٨٣ - ٢٨٤) والذهبي في العرش (٧) وفي العلو (٤٥٣، ٤٥٤) وفي الأربعين (٧) وذكره ابن القيم في اجتماع الجيوش (ص ٢٦٥) بألفاظ متقاربة.
قال الألباني في مختصر العلو (٢٤١): وهذا إسناد صحيح. وعزاه الحافظ في الفتح (١٣/ ٤٠٦) إلى كتاب الفاروق للهروى.
(٢) وقد سبق أنه لم يثبت وصف الله تعالى بذلك، وأن السلامة التعبير عن الله سبحانه بالألفاظ التي جرت في القرآن والسنة.
(٣) وقد أبطل الإمام ابن القيم - رحمه الله - دعوى معنى (استوى): استولى، أو أنه مجاز عن الملك والسلطان، من اثنين وأربعين وجهًا، عقلي ونقلي في كتابه: اجتماع الجيوش (ص ٣٩).

<<  <   >  >>