للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإذا أَثبَتَ أنَّه على العَرش، والعرش في جهةٍ، وهو على عرشه، وقد منعنا في كتابنا هذا في غير موضع إطلاقُ الجهة عليه، والصَّواب جواز القول بذلك، لأنَّ أحمد قد أثبَتَ هذه الصِّفة التي هي الاستواء على العرش، وأَثبتَ أنَّه في السَّماء، وكُلُّ منْ أثْبَتَ هذا أثْبَتَ الجهة، وهم أصحاب ابن كرَّام وابن مندة الأصبهاني المحدِّث (١).

والدِّلالة عليه: أن العَرْشَ في جهةٍ بلا خلاف، وقد ثبت بنَصِّ القُرآنِ أنَّه مستوٍ (٢) عليه، فاقتضى أنَّه في جهة.

ولأنَّ كل عاقل من مُسلم أو كافر، إذا دَعَا فإنَّما يرفعُ يَدَيه ووجهه إلى نحو السَّماء، وفي هذا كفاية.

ولأنَّ من نَفَى الجهة من المعتَزلة والأشعرية يقول: ليس هو في جهة، ولا خَارجًا منها، وقائلُ هذا بمثَابَةِ مَنْ قال بإثباتِ موجود مع وجود غيره، ولا يكون وجود أحدهما قبل وجود الآخر ولا بعده!

ولأنَّ العَوَامَ لا يُفرِّقون بين قول القائل: طلبته فلم أجده في موضعٍ ما، وبين قوله: طلبته فإذا هو معدوم.

وقد احتج ابن مَنْدَة على إثبات الجهة، بأنَّه لمَّا نَطَقَ القُرآن بأنَّ الله تعالى على العَرش، وأنَّه في السَّماء، وجاءت السُّنَّة بمثل ذلك، وبأنَّ الجنَّة مسكنه،


= ذلك نفيًا ولا إثباتًا بل نسكت ونقف كما وقف السلف، ونعلم أنه لو كان له تأويل، لبادر إلى بيانه الصحابة والتابعون، ولما وسعهم إقراره وإمراره والسكوت عنه، ونعلم يقينًا مع ذلك أن الله لا مثيل له، لا في صفاته ولا في استوائه، ولا في نزوله سبحانه وتعالى انتهى كلامه - رحمه الله - تعالى.
(١) انظر الكلام على لفظ الجهة فيما سبق من هذا الكتاب.
(٢) في الأصل: مستوي! والصواب حذف الياء للتنوين.

<<  <   >  >>