للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأنَّه في ذلك، وهذه الأشياء أمْكِنَة في أَنفُسها، فَدَلَّ على أنَّه في مكان (١).

فإذا أثَبَتَ أنَّه على العَرش، وأنَّه في جهةٍ، فهل الإستواء من صِفَات الذَّات؟ قياس قول أصحابنا أنَّه من صفات الذَّات، وأنَّه موصوف بها في القِدَم وإنْ لم يكن هناك عَرْشًا موجودًا والتَحَقَّقَ وجود ذلك منه في (٢).

الثاني: لأنهم قد قالوا: خالق ورازق موصوف به فيما لم يَزل، ولا مخلوق ولا مرزوق، لتحقّق الفعل من جهته.

وقد تقول العرب: سَيْف قَطُوع، وخبز مُشبع، ومَاء رَوِيّ، وإنْ لم يُوجد منه القَطْع لتحقق الفعل منه.

واستدل بعض أَصحابنا لأنَّه موصوف في الأزل بالربوبية ولا مربوب، وبالإلهية ولا مَألْوُه، وعلى قِيَاس هذا النَّزُول إلى السماء، والمجيء في ظُلَلٍ من الغَمام، وَوَضع القَدَمِ في النَّار (٣).


(١) وكذا لفظ "المكان" من الألفاظ التى تحتمل الحق والباطل، وينبغي النظر إلى المقصود، فمن اعتقد أن المكان هو ما يفتقر إليه المتمكن، سواء كان محيطًا به أو كان تحته، فمعلوم أن الله سبحانه ليس في مكان بهذا الاعتبار.
ومن اعتقد أن العرش هو المكان، وأن الله فوقه مع غناه عنه، فلا ريب أنه في مكان بهذا الاعتبار، قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد كلام نحوه. "فما يجب نفيه بلا ريب افتقار الله تعالى إلى ما سواه، فإنه سبحانه غنى عما سواه، وكل شيء فقير إليه، فلا يجوز أن يوصف بصفة تتضمن افتقاره إلى ما سواه وأما إثبات النسب والإضافات بينه وبين خلقه، فهذا متفق عليه بين الأنبياء والمرسلين، وسلف الأمة وأئمتها، وبين هؤلاء الفلاسفة كما ذكر ذلك عنهم، ولكن آخرون من الفلاسفة ينازعون في ذلك"! درء معارض العقل والنقل (٦/ ٢٤٩) وانظر أيضًا (٦/ ٣١٤ - ٣١٦).
(٢) كذا في الأصل ولعله سقطت كلمة: القِدم أو الأزل.
(٣) قال الطحاوي رحمه الله تعالى: "ما زال بصفاته قديمًا قبل خلقه، لم يزد بكونهم شيئًا لم يكن قبلهم من صفته، وكما كان بصفاته أزليًا، كذلك لا يزال عليها أبديًا". =

<<  <   >  >>