للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: فقد قال أحمد في رواية حنبل: هو على العَرش كيف شاء، وكما شاء، وصفات الذَّات لا تدخل تحت المشيئة.

قيل: المشيئةُ راجعة إلى خَلْقِ العرش، لا إلى الإستواء عليه، وإذا أثبت استواءه وأنَّه في جَهةٍ، وأنَّ ذلك من صِفات الذات، فهل يجوز إطلاق الحدِّ عليه (١)؟


= أي: أن الله تعالى لم يزل متصفًا بصفات الكمال: صفات الذات وصفات الفعل، ولا يجوز أن يُعتقد أن الله وصف بصفة بعد أن لم يكن متصفًا بها، لأن صفاته سبحانه صفات كمال، وفقدها صفةٌ نقص، ولا يجوز أن يكون قد حصل له الكمال بعد أن كان متصفًا بضده.
لكن صفات الفعل الاختيارية كالخلق، والتصوير، والإحياء، والإماتة، والقبض، والبسط، والطي، والإستواء والإتيان والنزول، والغضب والرضا، والكلام، ونحو ذلك مما وصف به نفسه ووصفه به رسوله، فإن هذه الأحوال تحدث في وقت دون وقت، كما في حديث الشفاعة: "إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبلة مثله، ولن يغضب بعده مثله" انظر "العقيدة الطحاوية" بشرحنا (ص ٨٧ - ٧٩).
(١) الحدّ في اللغة: المنع، والحاجز بين الشيئين، والنهاية التي ينتهى إليها تمام المعنى.
(الكليات للكفوي ص ٣٩١).
وفي التعريفات للجرجاني (ص ٨٣): الحد: قول دال على ماهية الشيء.
وعند أهل الله: الفصل بينك وبين مولاك انتهى.
كما سيأتي توضيحه في كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى، ولم يثبت به حديث صحيح فيما نعلم، إنما عبَّر به بعض العلماء من السلف، لبيان أن الله تعالى ليس حالًّا في خلقه، ولا شيء من خلقه حالّ فيه، كما زعمت الجهمية الحلولية والاتحادية من ملاحدة الصوفية، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا، واستدلوا بقوله تعالى {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: ١٧).
وقوله {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} (الفتح: ١٠).
ولهم في ذلك أشعار كفرية.
منها قولهم:
ما كبت عن القلب ولا عن عيني … ما بينكم وبيننا من بين!!
وغيره، انظر "إبطال وحده الوجود" الشيخ الإسلام ابن تيمية بتحقيقنا، طبع إحياء التراث الإسلامي (١٤١٣) هـ.

<<  <   >  >>