للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا أُبالي" (١).

اعلم أنَّ إطلاقَ هذه الأخبار يقتضي نفي كون المبالاة صِفَةً له، لأنَّ جميعها نَفْي وليس فيها إثبات.

وإن: قيل إنَّ دليلٌ الخطاب يقتضي إثباتَ المبالاة صِفَةً له في أفعال الطاعات، وأنَّه يُبَالي بها، لم يمتنع، كما جازَ وصفه بالمحَبَّةَ والرِّضا، وكذلك قوله تعالى {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي} [الفرقان: ٧٧] (٢) غير ممتنع حمله على ظاهره، لأنه ليس في ذلك ما يُحيل صفاته.

وقد تأَوَّلوا على أَنَّ معناه: أَنَّه لا ينتقص عباده بشيءٍ منْ فَضلِهِ وعَدْله لأجْل أفعالهم، وكذلك لا يزداد في ذلك لأجل الفعل، بل يفعل العدل من تعذيبهم ابتداءً من غير جُرْمٍ، والفضل غير عمل (٣).

وهذا غلط، لأنَّ الزِّيادةَ والنُّقصان إنَّما تُستعمل فيما طريقه الجزاء، ومن أصلنا وأَصْلهِم أنَّ ما يُنْعِمُ به على عَبده على وجه التفضل، لا على وجه الجزاء.

* * *


(١) سبق تخريجه.
(٢) قال الإمام ابن كثير رحمة الله: ثم قال تعالى {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} أي: لا يبالي ولا يكترث بكم، إذا لم تعبدوه، فإنه إنما خلق الخلق ليعبدوه ويوحدوه، ويسبحوه بكرة وأصيلًا. حسن التحرير (٣/ ٢٩٩).
(٣) انظر "مشكل الحديث" لابن فورك (ص ٢٣٩).

<<  <   >  >>