للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمَّا وَصْف بأنَّه "وَاحِد" فمعناه: الذي لا شريكَ له، القهار ويقهر كل جَبَّارٍ، والأَحَد والواحد بمعنى واحد، وقيل: معناه شيء، وكل شيءٍ واحد، وكل واحدٍ شيء، فإذا قيل للجملة إنَّها واحدة، فإنه يُقَّدر فيها حكم الواحد الذي لا ينقسم (١).

وقيل: المراد به نفي النَّظير، كقولهم فلان واحد زمانه.

وأمَّا وصفه تعالى بأنَّه "غَفُور" فمعناه: أنَّه لم يَفعل بالعُصَاةِ من عباده ما يَسْتَحقُون باجْرَامِهِم. وكذلك وَصْفُه بأنَّه "غَافِر وغَفَّار ومُحْيِط ومُكَفِّر للعِقَاب وحَلَيم" معناه ما ذكرنا.

وقيل أصل الغَفْر: السِّتر، ولهذا سُمِّيَ جُنَّةُ الرأسِ مِغْفَرًا، لأنَّها تَغفر الرأسَ، أي تَستره (٢).

ولا يجوز وصفه بالكفِّ عن العِقاب، لأنَّ ذلك إنَّما يُستعمل فيمن يكفُّ نَفْسه عما تدعوه إليه وتشتهيه، وذلك مُحَال في صفته، ولكن يُوصفُ بالتَّرك (٣).

وقيل: معنى "غفور" أنَّه يَستر الذُّنوب على عبَاده ولا يكشفها.

وأمَّا وصفه تعالى بأنَّه "حَلِيم" أنَّه لم يَفعل المستحق من العِقاب، أوْ مَا يليق ذلك عنده من الأفعال التي قد أَجْرَى العَادَة بأنْ يفعل عندها الالآم. ولا خلاف أنه حليم عن الكُفار والعُصاه في الدنيا، وإنْ لم يَفْعل فيهم ما


= انظر النهج (١/ ٢٨٩ - ٢٩٤).
(١) قال الزجاج: الواحد: وضع الكلمة في اللغة إنما هو للشيء الذي ليس باثنين ولا أكثر منهما.
وقال: الأحد، قال أهل العربية: أصله وحد. انظر النهج (٢/ ٨٣ - ٨٤).
(٢) وغفر الله له ذنوبه: أي سترها كما سيأتي، وقد سمى الله تعالى نفسه بالغفور في إحدى وتسعين آية. انظر النهج (١/ ١٧٥) وما بعدها.
(٣) هذا اللازم فيه نظر! وقد ورد في الحديث: "إني حرمت الظلم على نفسي" والتحريم هو المنع.

<<  <   >  >>