للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُضَاد عِقابه لهم، وانتقامه منهم، وليس يمتنع وصفه بأنَّه حليم عمن يُعاقبه في الآخرة، على معنى أنَّه أخَّرَ ما كان له تقديمه من العقاب، كما يقال ذلك فيه لو تركه جملة (١).

وقد قيل: لا يجوز وصفه بأنَّه "صَبُور" كما جاز وصفه بأنَّه حليم، لأنَّ صَبور هو الذي يَصبر لما يَلْحَقه ويناله من المكارهِ والمَضَار المؤلمة، فيصبر لها ولا يجزع عند نزولها، وقد جاء في الحديث ما يدل على جواز وصفه بذلك فقال: "لا أَحَدَ أَصْبَرُ على أذىً يَسمعه من الله" (٢).

وأمَّا وصفه بأنه "قابض" قيل معناه: المُضَيِّق على من يشاء أنْ يُضيق عليه في رِزْقٍ وغيره، والمانع له، ومنه قوله تعالى {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ} [البقرة: ٢٤٥] (٣) ويحتمل أنْ يكون معناه: قابضُ الأَرْواح، ومنه قوله تعالى {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (٤٦)} [الفرقان: ٤٦].

وأما وصفه بأنَّه "بَاسِط"معناه: الموسع عطاياه، والبسط هو التوسيع (٤)، ومنه قوله تعالى {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ} [الرعد: ٢٦] (٥).


(١) الحليم سبحانه الذي يحلم عن عقوبة العاصين، ويمهلهم كي يتوبوا، وينعم عليهم مع كثرة ذنوبهم. انظر النهج (١/ ٢٧٣ - ٢٧٦).
(٢) لم يثبت الحديث الوارد باسمه "الصبور". لكن وصف الله تعالى بالصبر ثابت بالحديث الذي ذكره المصنف، وهو في البخاري وغيره.
(٣) ورد اسمه "القابض الباسط" في الحديث الصحيح: "إن الله هو الخالق القابض الباسط، الرازق المسعر … " رواه أحمد (٣/ ١٥٦، ٢٨٦) وأبو داود (٣٤٥١) والترمذي (١٣١٤) وابن ماجه (٢٢٠٠) وغيرهم من حديث أنس -رضي الله عنه-.
انظر النهج (٣/ ١٢١) وما بعدها.
(٤) في الأصل: التوسع، علقه الناسخ.
(٥) انظر ما سبق.

<<  <   >  >>