للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقول الأمة: لا خالق إلا الله، يعني لا مُحْدِثَ ولا مخترع سواه (١).

وقيل معناه: مُقَدِّرُ الأشياء على مَقَادِيرها، لأنَّ الخَلْقَ في اللُّغة: التقدير، قال الشاعر:

ولأَنتَ تَفْرِي مَا خَلَقْتَ … وبَعضُ الَقوْمِ يَخْلُقُ ثُمَّ لا يَفْرِي

وأما وَصْفُه تعالى بأنه "بَاعِث" فمعناه: يَبعث الخَلائق يوم القيامة، ولهذا يُسَمَّى يوم القيامه: يَومُ البَعْث، لأنَّ الخلائق يُبعثون فيه، أي يُنَادَونَ فيه من قُبُورهم، والبَاعِث هو المُنْهض والمُحَرِّك، وأصل البَعث: التحريك (٢).

وأَمَّا وصفه تعالى بأنَّه "وَارِث" فمعناه يبقى بعد فَنَاءِ خلقه، لأنَّه موجود لم يزلْ ولا يَزَال، الوَارث مُشْتق من الإرث، وإرْثُ كل شيء بَقيمته، ويقال للميراث: إرث، لأنَّه بقيةُ مَنْ سلَفَ على من خَلَفَ (٣).

وأمَّا وصفه بأنه "كَرِيم والأكرمُ" واحد، ومعناه: إثباتُ كمال الصِّفات الواجبة له، من كونه حَيًّا موجودًا، على جميع الصفات النافية للنَّقائص (٤).

وقيل معناه: مُكْرِم مُتَفَضِّل مُنْعِم بما لا يستحق عليه من الإفضال، كما تقول: سميع معناه مُسْمِع، وبديع بمعنى مُبدع، كذلك قولنا: كريم بمعنى مُكرم (٥).


(١) الخلق يراد به الإيجاد والإبداع تارة، والتقدير تارة. انظر النهج (١/ ١٦٠ - ١٦٢).
(٢) لم يثبت في الأسماء، وقد ذكره بعض العلماء كالقرطبي والحليمي والبيهقي وغيرهم واستدلوا له بقوله تعالى {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا} [المجادلة: ١٨] وهو فعل وليس باسم.
انظر: معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله (ص ٢٧٦ - ٢٧٧) للشيخ د. محمد التميمي.
(٣) انظر النهج (٢/ ٢٨٨ - ٢٨٩).
(٤) قاله القرطبي بنحوه وغيره، وقال: "الأكرم" الوصف الذاتي و"الكريم": الوصف الفعلي. انظر النهج (١/ ٣٨٨).
(٥) قاله ابن العربي في الأقوال التي قيلت في معنى الكريم فقال: "وأما إن قلنا إن الكريم بمعنى الُمكْرم فمن المكرم إلا الله تعالى، فمن أكرمه الله أكرم، ومن أهانه أهين". انظر النهج (١/ ٣٨١).

<<  <   >  >>