للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما وَصْفه بأنَّه "مُبين" فهو المُظْهِر لإبانَاتِهِ ودلائله الدالة على وَحدَانيته، وهو المُظهر لأحكام الذين وشرائعه، يقال بَيَنْتُه وأَبَنْتُه إبَانَةً وتَبْينًا وتبْيَانًا (١).

وأمَّا وصفه تعالى بأنَّه "نُور" فقيل معناه: مُنَوِّرُ السَّمَاوات والأرض بالنَيِّرين، أو مُنَوِّر قُلُوبِ أهل السَّماوَات والأرض بالهُدَى والتَّوفيق، لأنه لا يجوز أنْ يكون جِسْمًا مُضِيئًا ولا شُعاعًا وَضِيئا كبعض الأجسام!، فكان معناه ما ذكرنا (٢).

وقد ذكر أبو بكر عبد العزيز في كتاب "التفسير" عن ابن عباس في قوله {نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: ٣٥] يقول الله سبحانه: هادي أهل السّماوات وأهل الأرض.

وقيل: هو نُوُر لا كالأنوار، ليس بذي شُعِاع ولا جسم مضيئ، على ظاهر القُرآن.

وهو أشبه بكلام أحمد فيما خَرَّجه في الرَّد على الجَهْمية لأنَّه قال: قلنا للجهمية الله نُور، فقالوا: هو نُور كُلُّه، فقلنا لهم: قال الله {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} [الزمر: ٦٩] فقد أَخْبرَ جَلَّ ثَناؤه أنَّ له نورًا، وقلنا لهم: لما زعمتم أنَّ الله في كلِّ مكان وهو نور، فلم لا يضيء البيت المُظْلم من النُّور الذي هو فيه، إذْ زعمتم أنَّ الله في كُلَّ مكان؟ (٣).


(١) انظر النهج (٢/ ١٧ - ٢٠).
(٢) وصف الله تعالى بأنه منور السماوات والأرض، أو منور قلوب المؤمنين بالهدى والعلم، لا يمنعنا من وصفه بأنه نور سبحانه، ومن صفاته النور. انظر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره في النهج (٣٤٥ - ٣٥١).
أما قول المصنف: "ولا يجوز أن يكون جسمًا مضيئًا ولا شعاعًا … " فالواجب الإعراض عن مثل هذا النفي الذي لم ترد به النصوص.
(٣) الرد على الزنادقة (ص ٣٢٩) وتمامه: "وما بال السراج إذا دخل البيت المظلم يضيء؟ فعند ذلك تبين للناس كذبهم على الله. فرحم الله من عقل عن الله، ورجع عن القول الذي يخالف الكتاب والسنة، وقال بقول العلماء، وهو قول المهاجرين والأنصار، وترك دين الشياطين، ودين جهم وشيعته انتهى.

<<  <   >  >>