للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا بعيد، لأنَّ الجبار غير الإجْبَار (١).

وقد أنكر أحمد القول بأنَّ الله أَجْبَرَ العِبَاد على الطاعات.

وقيل: الجبار مَأخوذ من الجبر، والجبر هو الإصلاح لأمر نفسه أو أَمر غيره، وهذه صِفَتُه سبحانه.

وأما وَصْفُه سبحانه بأنَّه "مُتَكَبِّر" معناه عن النَّقائصِ التي تعود لخلقه، وعن التَّشبه والمقايسة بهم، وقيل معناه: ملك (٢).

وأَمَّا وصفه تعالى بأنَّه "بَارِئ" فمعناه: الخالق، يُقال بَرَأَ الله الخلق يبرئهم، والبَريَّة الخلق (٣) ومثل البارئ "الذارئ" وهو الخالق يقال: ذَرَأ اللهُ الخلق، ومنه قوله تعالى {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأعراف: ١٧٩] أي: خلقنا والذُّرِّية منه بأنَّها خَلْق لله وقوله {وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ} [المؤمنون: ٧٩] وأما وصفه تعالى بأنَّه مُصوِّرٌ، فمعناه خَالِقُ، ومنه قوله تعالى {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: ١٤] (٤)، والمراد به أحسن المصورين تصويرًا أو تقديرًا، وليس المراد به أحسن المحدثين إحداثًا وإيجادًا، لأنَّ الحدوث والوجود في كلِّ حادثٍ موجود على صفةٍ واحدةٍ غير مختلفة، "وأحسن" حرف مُبالغة، وإنَّما يدخل ذلك فيما اختلفت صفته، وتَفَاضلت وتزايدت، وذلك محله في صفة الحدوث والوجود (٥).


(١) انظر معاني الجبار في النهج (١/ ١٤٥).
(٢) انظر النهج (١/ ١٥٢ - ١٥٣).
(٣) النهج (١/ ١٦٦).
(٤) "المصور" الذي عدل خلقه إلى الأشكال التي تناسبهم، والهيئات التي تتوافق ومصالحهم.
وقيل: الذي أنشأ خلقه على صور مختلفة. النهج (١/ ١٦٧ - ١٦٩).
(٥) قال الحافظ ابن كثير (٣/ ٢١٣) قوله: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} يعني: حين ذكر قدرته ولطفه في خلق هذه النطفة، من حال، إلى حال، وشكل إلى شكل، حتى تصورت إلى =

<<  <   >  >>